Pas à pas... خطوة بخطوة

بحوث في النَفَسِيّة

إنسياق متموضع

Recherches Spirites


Dérive situationniste


« Naître, mourir, renaître encore et progresser sans cesse, telle est la loi »

« ولادة ثم ممات ثم ولادة مجددا مرة بعد أخرى، فتطور دون هوادة؛ تلك هي سنة الحياة !»

De l'âme à l'Esprit من الروح إلى النفس

خلافا لما يذهب إليه البعض، من باب التعريب الحرفي، من ترجمة Spiritisme إلى الأرواحية، فإني أعتقد أن أفضل ترجمة لهذه الكلمة هي ما ارتأيت وكما أبينه في هذه المدونة؛ فالترجمة الأفضل لكلمة Esprit هي النفس، بينما تبقى الروح مرادفة لكلمة Âme؛ وبذلك يكون التعريب الآصح لكلمة Spiritisme هو : النفسية، بتحريك النون والفاء.

Affichage des articles dont le libellé est التجاسد. Afficher tous les articles
Affichage des articles dont le libellé est التجاسد. Afficher tous les articles

L'Esprit en islam (7) الروح في الإسلام

في مصير الروح بعد الموت
وأمر التجاسد 
مقتطف من كتاب 
الروح
في الكلام على على أرواح الأموات والأحياء
 بالدلائل من الكتاب والسنة
والآثار وأقوال العلماء 
لمؤلفه
محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله 
المعروف بابن قيم الجوزية


المسالة الخامسة عشرة وهى : أين مستقر الأرواح ما بين الموت إلى القيامة هل هى في السماء أم في الأرض وهل هي في الجنة أم لا وهل تودع في أجساد غير أجسادها التي كانت فيها فتنعم وتعذب فيها أم تكون مجردة؟
هذه مسالة عظيمة تكلم فيها للناس واختلفوا فيها، وهى إنما تتلقى من السمع فقط؛ واختلف في ذلك، فقال قائلون : أرواح المؤمنين عند الله في الجنة شهداء كانوا أم غير شهداء إذا لم يحبسهم عن الجنة كبيرة ولا دين، وتلقاهم ربهم بالعفو عنهم والرحمة لهم، وهذا مذهب أبى هريرة وعبد الله بن عمر رضى الله عنهم. وقالت طائفة : هم بفناء الجنة على بابها يأتيهم من روحها ونعيمها ورزقها. وقالت طائفة : الأرواح على افنية قبورها.
وقال مالك : بلغنى أن الروح مرسلة تذهب حيث شاءت. وقال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله : أرواح الكفار في النار، وأرواح المؤمنين في الجنة. وقال أبو عبد الله بن منده : وقال طائفة من الصحابة والتابعين : أرواح المؤمنين عند الله عز و جل ولم يزيدوا على ذلك...
واما النصوص والآثار التي ذكر في رزق الشهداء، وكون أرواحهم في الجنة، فكلها حق، وهي لا تدل على انتفاء دخول أرواح المؤمنين الجنة، ولا سيما الصديقين الذين هم أفضل من الشهداء بلا نزاع بين الناس، فيقال لهؤلاء : ما تقولون في أرواح الصديقين هل هى في الجنة أم لا؟
فإن قالوا : إنها في الجنة، ولا يسوغ لهم غير هذا القول، فثبت أن هذه النصوص لا تدل على اختصاص أرواح الشهداء بذلك؛ وإن قالوا : ليست في الجنة لزمهم من ذلك أن تكون أرواح سادات الصحابة كابى بكر الصديق وأبى بن كعب وعبد الله بن مسعود وأبى الدرداء وحذيفة بن اليمان وأشباههم رضى الله عنهم ليست في الجنة، وأرواح شهداء زماننا في الجنة، وهذا معلوم البطلان ضرورة. 
فإن قيل : فإن كان هذا حكم لا يختص بالشهداء فما الموجب لتخصيصهم بالذكر في هذه النصوص؟ قلت : التنبيه على فضل الشهادة وعلو درجتها، وإن هذا مضمون لأهلها، ولا بد وإن لهم منها أوفر نصيب، فنصيبهم من هذا النعيم في البرزخ أكمل من نصيب غيرهم من الأموات على فراشهم، وإن كان الميت على فراشه أعلى درجة منهم، فله نعيم يختص به لا يشاركه فيه من هو دونه.
ويدل على هذا أن الله سبحانه جعل أرواح الشهداء في أجواف طير خضر، فإنهم لما بذلوا أنفسهم لله حتى أتلفها أعداؤه فيه أعاضهم منها في البرزخ أبدانا خيرا منها تكون فيها إلى يوم القيامة، ويكون نعيمها بواسطة تلك الأبدان أكمل من نعيم الأرواح المجردة عنها، ولهذا كانت نسمة المؤمن في صورة طير، أو كطير، ونسمة الشهيد في جوف طير، وتأمل لفظ الحديثين فانه قال : «نسمة المؤمن طير» فهذا يعم الشهيد وغيره، ثم خص للشهيد بأن قال «وهي في جوف طير» ومعلوم أنها إذا كانت في جوف طير صدق عليها أنها طير، فصلوات الله وسلامه على من يصدق كلامه بعضه بعضا ويدل على أنه حق من عند الله، وهذا الجمع أحسن من جمع أبى عمر وترجيحه رواية من روى أرواحهم كطير خضر، بل الروايتان حق وصواب، فهي كطير خضر، وفي أجواف طير خضر.
وقد ذكر أبو عبد الله بن منده من حديث عيسى بن عبد الرحمن، حدثنا ابن شهاب، حدثنا عامر بن سعيد عن إسماعيل بن طلحة بن عبيد الله، عن أبيه، قال: أردت مالي بالغابة، فأدركنى الليل، فأويت إلى قبر عبد الله بن عمر بن حرام، فسمعت قراءة من القبر ما سمعت أحسن منها، فجئت إلى رسول الله، فذكرت ذلك له، فقال : «ذلك عبد الله ألم تعلم أن الله قبض أرواحهم فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت، ثم علقها وسط الجنة، فإذا كان الليل ردت إليهم أرواحهم، فلا يزال كذلك حتى إذا طلع الفجر ردت أرواحهم إلى مكانهم الذي كانت به».
ففي هذا الحديث بيان سرعة انتقال أرواحهم من العرش إلى الثرى، ثم انتقالها من الثرى إلى مكانها؛ ولهذا قال مالك وغيره من الأئمة : إن الروح مرسلة تذهب حيث شاءت، وما يراه الناس من أرواح الموتى ومجيئهم إليهم من المكان البعيد أمر يعلمه عامة الناس ولا يشكون فيه. والله أعلم.
فصل
ومما ينبغي أن يعلم أن ما ذكرنا من شأن الروح يختلف بحسب حال الأرواح من القوة والضعف والكبر والصغر، فللروح العظيمة الكبيرة من ذلك ما ليس لمن هو دونها. وأنت ترى أحكام الأرواح في الدنيا كيف تتفاوت أعظم تفاوت بحسب تفارق الأرواح في كيفياتها وقواها وإبطائها وإسراعها والمعاونة لها؛ فللروح المطلقة من أسر البدن وعلائقه وعوائقه من التصرف والقوة والنفاذ والهمة وسرعة الصعود إلى الله والتعلق بالله ما ليس للروح المهينة المحبوسة في علائق البدن وعوائقه؛ فإذا كان هذا وهي محبوسة في بدنه، فكيف إذا تجردت وفارقته واجتمعت فيها قواها، وكانت في أصل شأنها روحا علية زكيه كبيرة ذات همة عالية؟ فهذه لها بعد مفارقة البدن شأن آخر وفعل آخر. 
وقد تواترت الرؤيا في أصناف بنى آدم على فعل الأرواح بعد موتها ما لا تقدر على مثله حال اتصالها بالبدن من هزيمة الجيوش الكثيرة بالواحد والاثنين والعدد القليل ونحو ذلك، وكم قد رئى النبي، ومعه أبو بكر وعمر في النوم قد هزمت أرواحهم عساكر الكفر والظلم، فإذا بجيوشهم مغلوبة مكسورة مع كثرة عددهم وعددهم وضعف المؤمنين وقلتهم. 
ومن العجب أن أرواح المؤمنين المتحابين المتعارفين تتلاقى وبينها أعظم مسافة وأبعدها، فتتألم وتتعارف، فيعرف بعضها بعضا، كأنه جليسه وعشيره، فإذا رآه طابق ذلك ما كان عرفته روحه قبل رؤيته. 
قال عبد الله بن عمرو : إن أرواح المؤمنين تتلاقى على مسيرة يوم وما أرى أحدهما صاحبه قط (أخرجه الإمام أحمد في مسنده [الحديث : 7068] ج 2 من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وأخرجه البيهقي في [41] كتاب الزهد [72-3] باب [الحديث : 17979]. وذكره الزبيدي في إتحاف السادة المتقين [6\182]، وذكره العراقي في المغني عن حمل الأسفار [2\159]، وذكره الهندي في كنز العمال [الحديث : 725]). ورفعه بعضهم إلى النبي. 
وقال عكرمة ومجاهد : إذا نام الإنسان فان له سببا يجرى فيه الروح وأصله في الجسد، فتبلغ حيث شاء الله ما دام ذاهبا فالإنسان نائم، فإذا رجع إلى البدن انتبه الإنسان، وكان بمنزلة شعاع الشمس الذي هو ساقط بالأرض، فأصله متصل بالشمس. وقد ذكر أبو عبد الله بن منده عن بعض أهل العلم أنه قال : إن الروح يمتد من منخر الإنسان، ومركبه وأصله في بدنه، فلو خرج الروح بالكلية لمات، كما أن السراج لو فرق بينه وبين الفتيلة. ألا ترى أن مركب النار في الفتيلة وضؤوها وشعاعها يملأ البيت؟ فكذلك الروح تمتد من منخر الإنسان في منامه حتى تأتى السماء، وتجول في البلدان، وتلتقي مع أرواح الموتى، فإذا أراه الملك الموكل بأرواح العباد ما أحب أن يريه، وكان المرئيّ في اليقظة عاقلا ذكيا صدوقا لا يلتفت في يقظته إلى شيء من الباطل رجع إليه روحه فأدى إلى قلبه الصدق مما أراه الله عز و جل على حسب خلقه، وإن كان خفيفا نزقا يحب الباطل والنظر إليه، فإذا نام وأراه الله أمرا من خيرا وشر رجعت روحه إليه، فحيث ما رأي شيئا من مخاريق الشيطان أو الباطل وقفت روحه عليه كما تقف في يقظته، فكذلك لا يؤدى إلى قلبه فلا يعقل ما رأي لأنه خلط الحق بالباطل، فلا يمكن معبر أن يعبر له وقد خلط الحق بالباطل.
وهذا من أحسن الكلام، وهو دليل على معرفة قائله وبصيرته بالأرواح وأحكامها.
وأنت ترى الرجل يسمع العلم والحكمة وما هو أنفع شيء له، ثم يمر بباطل ولهو من غناء أو شبهة أو زور أو غيره، فيصغي إليه، ويفتح له قلبه، حتى يتأدى إليه، فيتخبط عليه ذلك الذي سمعه من العلم والحكمة، ويلتبس عليه الحق بالباطل؛ فهكذا شأن الأرواح عند النوم. وأما بعد المفارقة، فإنها تعذب بتلك الاعتقادات والشه ! الباطلة التي كانت حظها حال اتصالها بالبدن، وينضاف إلى ذلك عذابها بتلك الإرادات والشهوات التي حيل بينها وبينها، وينضاف إلى ذلك عذاب آخر ينشئه الله لها ولبدنها من الأعمال التي اشتركت معه فيها؛ وهذه هي المعيشة الضنك في البرزخ والزاد الذي تزود به إليه.
والروح الزكيه العلوية المحقة، التي لا تحب الباطل ولا تألفه بضد ذلك كله، تنعم بتلك الاعتقادات الصحيحة والعلوم والمعارف التي تلقتها من مشكاة النبوة، وتلك الإرادات والهمم الزكية، وينشئ الله سبحانه لها من أعمالها نعيما ينعمها به في البرزخ، فتصير لها روضة من رياض الجنة؛ ولتلك حفرة من حفر النار.
فصل
وأما قول من قال : إن أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب
حيث شاءت، فهذا مروى عن سلمان الفارسي؛ والبرزخ هو الحاجز بين شيئين؛ وكأن سلمان أراد بها في أرض بين الدنيا والآخرة مرسلة هناك تذهب حيث شاءت، وهذا قول قوى. فإنها قد فارقت الدنيا ولم تلج الآخرة، بل هي في برزخ بينهما؛ فأرواح المؤمنين في برزخ واسع فيه الروح والريحان والنعيم، وأرواح الكفار في برزخ ضيق فيه الغم والعذاب. وقال تعالى : «ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون» (سورة المؤمنون، الآية : ١٠٠)، فالبرزخ هنا ما بين الدنيا والآخرة، وأصله الحاجز بين الشيئين (ذكره الطبري في تفسيره [10\ 53]).
فصل
 وأما قول أبى محمد بن حزم : إن مستقرها حيث كانت قبل خلق
أجسادها فهذا بناء منه على مذهبه الذي اختاره، وهو أن الأرواح مخلوقة قبل الأجساد (ذكره ابن عراق في تنزيه الشريعة [1\368]، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات [1\401]، وذكره السيوطي في اللآلي المصنوعة [1\199]، وذكره الشوكاني في الفوائد المجموعة [الحديث : 382].).
وهذا فيه قولان للناس، وجمهورهم على أن الأرواح خلقت بعد الأجساد؛ والذين قالوا أنها خلقت قبل الأجساد ليس معهم على ذلك دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع إلا ما فهموه من نصوص لا تدل على ذلك أو أحاديث لا تصح، كما احتج به أبو محمد بن حزم من قوله تعالى : «وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا» (الأعراف : ١٧٢)، وبقوله تعالى : «ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا» (سورة الأعراف، الآية : ١١)؛ قال : فصح أن الله خلق الأرواح جملة وهي الأنفس، وكذلك أخبر عليه السلام «أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» (أخرجه البخاري في [60] كتاب : الأنبياء [2] باب : الأرواح جنود مجندة [الحديث : 3336]، وأخرجه مسلم في [45] كتاب البر والصلة [49] باب : الأرواح جنود مجندة [الحديث : 159]...)، قال: وأخذ عز و جل عهدها وشهادتها وهي مخلوقة مصورة عاقلة قبل أن يأمر الملائكة بالسجود لآدم وقبل أن يدخلها في الأجساد، والأجساد يومئذ تراب. وقال : لأن الله تعالى خلق ذلك بلفظه ثم التى توجب التعقيب والمهلة، ثم أقرها سبحانه وتعالى حيث شاء، وهو البرزخ الذي ترجع إليه عند الموت. 
وسنذكر ما في هذا الاستدلال عند جواب سؤال السائل عن الأرواح هي مخلوقة مع الأبدان أم قبلها، إذ الغرض هنا الكلام على مستقر الأرواح بعد الموت، وقوله: إنها تستقر في البرزخ الذي كانت فيه قبل خلق الأجساد مبنى على هذا الاعتقاد الذي اعتقده، وقوله : إن أرواح السعداء عن يمين آدم، وأرواح الكفار الأشقياء عن يساره حق، كما أخبر به النبي، وقوله: إن ذلك عند منقطع العناصر لا دليل عليه من كتاب ولا سنة، ولا يشبه أقوال أهل الإسلام؛ والأحاديث الصحيحة تدل على أن الأرواح فوق العناصر في الجنة عند الله، وأدلة القرآن تدل على ذلك؛ وقد وافق أبو محمد على أن أرواح الشهداء في الجنة، ومعلوم أن الصديقين أفضل منهم، فكيف تكون روح أبى بكر الصديق وعبد الله بن مسعود وأبى الدرداء وحذيفة بن اليمان وأشباههم رضى الله عنهم عند منقطع العناصر، وذلك تحت هذا الفلك الأدنى وتحت السماء الدنيا، وتكون أرواح شهداء زماننا وغيرهم فوق العناصر وفوق السموات؟! ...
فصل
وأما قول من قال : إن مستقرها بعد الموت أبدان أخر غير هذه الأبدان، فهذا القول فيه حق وباطل. 
فأما الحق، فما أخبر الصادق المصدوق عن أرواح الشهداء أنها في حواصل طير خضر، تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش، هي لها كالأوكار للطائر، وقد صرح بذلك في قوله : «جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر».
وأما قوله : «نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة» (أخرجه النسائي في [21] كتاب الجنائز [117] باب أرواح المؤمنين وغيرهم [الحديث : 2072]، وأخرجه الترمذي في [23] كتاب فضائل الجهاد [13] باب ما جاء في ثواب الشهداء [الحديث : 1641]، وأخرجه ابن ماجه في[37] كتاب الزهد [32]، باب ذكره القبر والبلى [الحديث : 4271]...) يحتمل أن يكون هذا الطائر مركبا للروح كالبدن لها، ويكون ذلك لبعض المؤمنين والشهداء، ويحتمل أن يكون الروح في صورة طائر، وهذا اختيار أبى محمد بن حزم وأبى عمر بن عبد البر، وقد تقدم كلام أبى عمر، والكلام عليه، وأما ابن حزم فانه قال : معنى قوله «نسمة المؤمن طائر يعلق» هو على ظاهره، لا على ظن أهل الجهل، وإنما أخبر أن نسمة المؤمن طائر يعلق، بمعنى أنها تطير في الجنة، لا أنها تمسخ فى صورة الطير. قال : فإن قيل : إن النسمة مؤنثة، قلنا : قد صح عن عربي فصيح أنه قال : أتتك كتابي فاستخففت بها، فقيل له : أتؤنث الكتاب؟ قال : أوليس صحيفة؟ وكذلك النسمة تذكر كذلك؛ قال : وأما الزيادة التي فيها أنها في حواصل طير خضر، فإنها صفة تلك القناديل التي تأوي إليها، والحديثان معا حديث واحد.
وهذا الذي قاله في غاية الفساد لفظا ومعنى، فإن حديث نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة غير حديث أرواح الشهداء في حواصل طير خضر، والذي ذكره محتمل في الحديث الأول، وأما الحديث الثاني فلا يحتمله بوجه، فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن أرواحهم في حواصل طير، وفي لفظ : في أجواف طير خضر، وفي لفظ : بيض، وأن تلك الطير تسرح في الجنة فتأكل من ثمارها وتشرب من أنهارها، ثم تأوي إلى قناديل تحت العرش هي لها كالأوكار للطائر، وقوله : إن حواصل تلك الطير هي صفة القناديل التي تأوي إليها خطأ قطعا، بل تلك القناديل مأوى لتلك الطير، فهاهنا ثلاثة أمور صرح بها الحديث : أرواح، وطير هي في أجوافها، وقناديل هي مأوى لتلك الطير. والقناديل مستقرة تحت العرش لا تسرح، والطير تسرح وتذهب وتجيء ،والأرواح في أجوافها.
وإن قيل يحتمل أن تجعل نفسها في صورة طير، لا أنها تركب في بدن طير، كما قال تعالى : «في أي صورة ما شاء ركبك» (الانفطار : ٨) ويدل عليه قوله في اللفظ الآخر ك «أرواحهم كطير خضر»، كذلك رواه ابن أبى شيبة، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله.
قال أبو عمر : والذي يشبه عندي والله أعلم أن يكون القول قول من قال : كطير أو صورة طير لمطابقته لحديثنا المذكور، يعنى حديث كعب بن مالك في نسمة المؤمن. 
فالجواب أن هذا الحديث قد روى بهذين اللفظين، والذي رواه مسلم في الصحيح من حديث الأعمش، عن مسروق، فلم يختلف حديثهما أنها في أجواف طير خضر. 
وأما حديث ابن عباس، فقال عثمان بن أبى شيبة : حدثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد ابن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : قال رسول الله : «لما أصيب إخوانكم، يعنى يوم أحد، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوى إلى قناديل من ذهب مدلاة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا : من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق، لئلا ينكلوا عن الحرب، ولا يزهدوا في الجهاد، فقال الله تعالى : أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله تعالى : (أخرجه أبو داود [9] في كتاب الجهاد [27] باب في فضل الشهادة [الحديث : 2520]، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [الحديث : 2388] ج 1 في مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي... ) «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون» (سورة آل عمران، الآية : 169). 
وأما حديث كعب بن مالك، فهو في السنن الأربعة ومسند أحمد، ولفظه للترمذي، أن رسول الله قال : «إن أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمر الجنة أو شجر الجنة» (أخرجه الترمذي [23] في كتاب فضائل الجهاد [13] باب ما جاء في ثواب الشهداء [الحديث : 1641]، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [الحديث : 27236] ج 1 من حديث كعب بن مالك،،،)، قال الترمذى : هذا حديث حسن صحيح، ولا محذور في هذا ولا يبطل قاعدة من قواعد الشرع، ولا يخالف نصا من كتاب ولا سنة عن رسول الله، بل هذا من تمام إكرام الله للشهداء أن أعاضهم من أبدانهم التي مزقوها لله أبدانا خيرا منها تكون مركبا لأرواحهم ليحصل بها كمال تنعمهم، فإذا كان يوم القيامة رد أرواحهم إلى تلك الأبدان التي كانت فيها في الدنيا.
فان قيل : فهذا هو القول بالتناسخ وحلول الأرواح في أبدان غير أبدانها التي كانت فيها. قيل : هذا المعنى الذي دلت عليه السنة الصريحة حق يجب اعتقاده، ولا يبطله تسميه المسمى له تناسخا، كما أن إثبات ما دل عليه العقل والنقل من صفات الله عز و جل وحقائق أسمائه الحسنى حق لا يبطله تسمية المعطلين لها تركيبا وتجسيما، وكذلك ما دل عليه العقل والنقل من إثبات أفعاله وكلامه بمشيئته، ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا، ومجيئه يوم القيامة للفصل بين عباده حق لا يبطله تسمية المعطلين له حلول حوادث، كما أن ما دل عليه العقل والنقل من علو الله على خلقه، ومباينته لهم، واستوائه على عرشه، وعروج الملائكة والروح إليه، ونزولها من عنده، وصعود الكلم الطيب إليه، وعروج رسوله إليه، ودنوه منه حتى صار قاب قوسين أو أدنى، وغير ذلك من الأدلة حق لا يبطله تسمية الجهمية له حيزا وجهة وتجسيما. 
قال الإمام أحمد : «لا نُزيل عن الله صفة من صفاته لأجل شناعة المشنعين». قال : فان هذا شأن أهل البدع يلقبون أهل السنة وأقوالها بالألقاب التي ينفرون منها الجهال، ويسمونها حشوا وتركيبا وتجسيما، ويسمون عرش الرب تبارك وتعالى حيزا وجهة ليتوصلوا بذلك إلى نفي علوه على خلقه واستوائه على عرشه كما تسمى الرافضة موالاة أصحاب رسول الله كلهم ومحبتهم والدعاء لهم نصا، وكما تسمى القدرية المجوسية إثبات القدر جبرا. فليس الشأن في الألقاب، وإنما الشأن في الحقائق والمقصود أن [تسمية] ما دلت عليه [السنة] الصريحة من جعل أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تناسخا لا يبطل هذا المعنى، وإنما التناسخ الباطل ما تقوله أعداء الرسل من الملاحدة وغيرهم الذين ينكرون المعاد : أن الأرواح تصير بعد مفارقة الأبدان إلى أجناس الحيوان والحشرات والطيور التي تناسبها وتشاكلها، فإذا فارقت هذه الأبدان انتقلت إلى أبدان تلك الحيوانات، فتنعم فيها أو تعذب، ثم تفارقها وتحل في أبدان أخر تناسب أعمالها وأخلاقها، وهكذا أبدا؛ فهذا معادها عندهم ونعيمها وعذابها، لا معاد لها عندهم غير ذلك؛ فهذا هو التناسخ الباطل المخالف لما اتفقت عليه الرسل والأنبياء من أولهم إلى آخرهم، وهو كفر بالله واليوم الآخر؛ وهذه الطائفة يقولون : إن مستقر الأرواح بعد المفارقة لأبدان الحيوانات التي تناسبها، وهو ابطل قول وأخبثه، ويليه قول من قال: إن الأرواح تعدم جملة بالموت ولا تبقى هناك روح تنعم ولا تعذب، بل النعيم والعذاب يقع على أجزاء الجسد أو جزء منه، إما عَجْبٍ أو غيره، فيخلق الله فيه الألم واللذة إما بواسطة رد الحياة إليه كما قاله بعض أرباب هذا القول، أو بدون رد الحياة كما قاله آخرون منهم، فهؤلاء عندهم لا عذاب في البرزخ إلا على الأجساد، ومقابلهم من يقول : إن الروح لا تعاد إلى الجسد بوجه ولا تتصل به، والعذاب والنعيم على الروح فقط، والسنة الصريحة المتواترة ترد قول هؤلاء وهؤلاء وتبين أن العذاب على الروح والجسد مجتمعين ومنفردين.
فإن قيل فقد ذكرتم أقوال الناس في مستقر الأرواح ومأخذهم، فما هو الراجح من هذه الأقوال حتى نعتقده؟ قيل : الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت، فمنها : أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى، وهي أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهم متفاوتون في منازلهم، كما رآهم النبي ليلة الإسراء. 
ومنها : أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، وهي أرواح بعض الشهداء لا جميعهم، بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه أو غيره، كما في المسند، عن محمد بن عبد الله بن جحش، أن رجلا جاء إلى النبي فقال : يا رسول الله مالي إن قتلت في سبيل الله؟ قال : «الجنة». فلما ولى قال : «إلا الذي سارّني به جبريل آنفا». 
ومنهم : من يكون محبوسا على باب الجنة كما في الحديث الآخر : «رأيت صاحبكم محبوسا على باب الجنة». 
ومنهم من يكون محبوسا في قبره كحديث صاحب الشملة التي غلها ثم استشهد،  فقال الناس : هنيئا له الجنة، فقال النبي : «والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه نارا في قبره» (أخرجه البخاري في [83] كتاب الأيمان والنذور [33] باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزرع والأمتعة [الحديث : 6707]، وأخرجه مسلم في [1] كتاب الأيمان [48] باب غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون [الحديث : 183\115] بألفاظ متقاربة،...). 
ومنهم : من يكون مقره باب الجنة، كما في حديث ابن عباس : «الشهداء على بارق نهر بباب الجنة، في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشية»، رواه أحمد (أخرجه الإمام أحمد في مسنده [الحديث : 2390] ج 1 من حديث عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي...). وهذا بخلاف جعفر بن أبى طالب حيث أبدله الله من يديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء.
ومنهم : من يكون محبوسا في الأرض، لم تعل روحه إلى الملأ الأعلى، فإنها كانت روحا سفلية أرضية، فإن الأنفس الأرضية لا تجامع الأنفس السماوية، كما لا تجامعها في الدنيا، والنفس التي لم تكتسب في الدنيا معرفة ربها ومحبته وذكره والأنس به والتقرب إليه بل هي أرضية سفلية، لا تكون بعد المفارقة لبدنها إلا هناك؛ كما أن النفس العلوية التي كانت في الدنيا عاكفة على محبة الله وذكره والتقرب إليه والأنس به تكون بعد المفارقة مع الأرواح العلوية المناسبة لها. فالمرء مع من احب في البرزخ ويوم القيامة، والله تعالى يزوج النفوس بعضها ببعض في البرزخ ويوم المعاد، كما تقدم في الحديث، ويجعل روحه، يعنى المؤمن، مع النسم الطيب، أي الأرواح الطيبة المشاكلة، فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وإخوانها وأصحاب عملها فتكون معهم هناك. 
ومنها: أرواح تكون في تنور الزناة والزواني، وأرواح في نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة، فليس للأرواح، سعيدها وشقيها، مستقر واحد، بل روح في أعلى عليين، وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض. 
وأنت إذا تأملت السنن والآثار في هذا الباب، وكان لك بها فضل اعتناء، عرفت حجة ذلك؛ ولا تظن أن بين الآثار الصحيحة في هذا الباب تعارضا، فإنها كلها حق يصدق بعضها بعضا، لكن الشأن في فهمها، ومعرفة النفس وأحكامها، وأن لها شانا غير شأن البدن، وأنها مع كونها في الجنة، فهي في السماء، وتتصل بفناء القبر وبالبدن فيه، وهي أسرع شيء حركة وانتقالا وصعودا وهبوطا، وأنها تنقسم إلى مرسلة ومحبوسة وعلوية وسفلية، ولها بعد المفارقة صحة ومرض ولذة ونعيم والم أعظم مما كان لها حال اتصالها بالبدن بكثير، فهنالك الحبس والألم والعذاب والمرض والحسرة، وهنالك اللذة والراحة والنعيم والإطلاق، وما أشبه حالها في هذا البدن بحال ولد في بطن أمه، وحالها بعد المفارقة بحاله بعد خروجه من البطن إلى هذه الدار. 
فلهذه الأنفس أربع دور، كل دار أعظم من التي قبلها؛
الدار الأولى : في بطن الأم، وذلك الحصر والضيق والغم والظلمات الثلاث.
والدار الثانية : هي الدار التي نشأت فيها والفتها واكتسبت فيها الخبر والشر وأسباب السعادة والشقاوة. 
والدار الثالثة : دار البرزخ، وهي أوسع من هذه الدار وأعظم بل نسبتها إليه كنسبة هذه الدار إلى الأولى. 
والدار الرابعة : دار القرار، وهي الجنة أو النار، فلا دار بعدها، والله ينقلها في هذه الدور طبقا بعد طبق حتى يبلغها الدار التي لا يصلح لها غيرها، ولا يليق بها سواها، وهي التي خلقت لها وهيئت للعمل الموصل لها إليها، ولها في كل دار من هذه الدور حكم وشأن غير شأن الدار الأخرى. 
فتبارك الله فاطرها ومنشئها ومميتها ومحييها ومسعدها ومشقيها الذي فاوت بينها في درجات سعادتها وشقاوتها كما فاوت بينها في مراتب علومها وأعمالها وقواها وأخلاقها. فمن عرفها كما ينبغي شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله، وله القوة كلها، والقدرة كلها، والعز كله، والحكمة كلها، والكمال المطلق من جميع الوجوه، وعرف بمعرفة نفسه صدق أنبيائه ورسله، وأن الذي جاءوا به هو الحق الذي تشهد به العقول، وتقر به الفطر، وما خالفه هو الباطل، وبالله التوفيق.

L'Esprit en islam (6) الروح في الإسلام

في عودة الروح إلى الجسد 
وهو التجاسد
مقتطف من كتاب 
الروح
في الكلام على على أرواح الأموات والأحياء
 بالدلائل من الكتاب والسنة
والآثار وأقوال العلماء 
لمؤلفه
محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله 
المعروف بابن قيم الجوزية
المسألة السادسة وهي أن الروح هل تعاد إلى الميت في قبره وقت السؤال أم لا

وقد احتج أبو عبد الله بن منده على إعادة الروح إلى البدن بأن قال : وحدثنا محمد بن الحسين ابن الحسن، حدثنا محمد بن زيد النيسابوري، حدثنا حماد بن قيراط، حدثنا محمد بن الفضل، عن يزيد بن عبد الرحمن الصائغ البلخي، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس أنه قال : بينما رسول الله ذات يوم قاعد تلا هذه الآية : «ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسط أيديهم» (سورة الأنعام، الآية : 93)، قال : «والذي نفس محمد بيده ما من نفس تفارق الدنيا حتى ترى مقعدها من الجنة والنار» ثم قال : «فإذا كان عند ذلك صف له سماطان من الملائكة ينتظمان ما بين الخافقين كأن وجوههم الشمس، فينظر إليهم ما ترى غيرهم وإن كنتم ترون أنهم ينظرون إليكم، مع كل منهم أكفان وحنوط، فإن كان مؤمنا بشروه بالجنة، وقالوا : أخرجى أيتها النفس الطيبة إلى رضوان الله وجنته، فقد أعد الله لك من الكرامة ما هو خير من الدنيا وما فيها، فلا يزالون يبشرونه ويحفون به، فهم ألطف وأرأف من الوالدة بولدها، ثم يسلون روحه من تحت كل ظفر ومفصل، ويموت الأول فالأول، ويهون عليه، وكنتم ترونه شديدا حتى تبلغ ذقنه، قال : فلهى أشد كراهية للخروج من الجسد من الولد حين يخرج من الرحم، فيبتدرها كل ملك منهم أيهم يقبضها، فيتولى قبضها ملك الموت؛ ثم تلا رسول الله : «قل يتوفاكم ملك الموت الذى وُكل بكم ثم إلى ربكم تُرجعون» (سورة السجدة، الآية 11) فيتلقاها بأكفان بيض، ثم يحتضنها إليه، فهو أشد لزوما لها من المرأة إذا ولدتها، ثم يفوح منها ريح أطيب من المسك، فيستنشقون ريحها ويتباشرون بها. ويقولون : مرحبا بالروح الطيبة والروح الطيب، اللهم صل عليه روحا وعلى جسد خرجت منه. قال : فيصعدون بها، ولله عز و جل خلق في الهواء لا يعلم عددتهم إلا هو، فيفوح لهم منها ريح أطيب من المسك، فيصلون عليها ويتباشرون، ويفتح لهم أبواب السماء، فيصلى عليها كل ملك في كل سماء تمر بهم حتى ينتهى بها بين يدى الملك الجبار، فيقول الجبار جل جلاله : مرحبا بالنفس الطيبة ويجسد خرجت منه، وإذا قال الرب عز وجل للشيء مرحبا رحب له كل شيء ويذهب عنه كل ضيق، ثم يقول لهذه النفس الطيبة : أدخلوها الجنة وأروها مقعدها من الجنة، وأعرضوا عليها ما أعددت لها من الكرامة والنعيم، ثم اذهبوا بها إلى الأرض، فإنى قضيت أنى منها خلقتهم وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى؛ فوالذي نفس محمد بيده لهى أشد كراهية للخروج منها حين كانت تخرج من الجسد، وتقول : أين تذهبون بى إلى ذلك الجسد الذي كنت فيه؟ قال : فيقولون : إنا مأمورون بهذا، فلا بد لك منه؛ فيهبطون به على قدر فراغهم من غسله وأكفانه، فيدخلون ذلك الروح بين جسده وأكفانه» (ذكره السيوطي في «الدر المنثور» [3\30]). 
فدل هذا الحديث أن الروح تعاد بين الجسد والأكفان، وهذا عود غير التعلق الذي كان لها في الدنيا بالبدن، وهو نوع آخر وغير تعلقها به حال النوم، وغير تعلقها به وهى في مقرها، بل هو عود خاص للمساءلة.  
قال شيخ الإسلام : الأحاديث الصحيحة المتواترة تدل على عود الروح إلى البدن وقت السؤال، وسؤال البدن بلا روح قول قاله طائفة من الناس، وأنكره الجمهور، وقابلهم آخرون، فقالوا : السؤال للروح بلا بدن، وهذا قاله ابن مرة وابن حزم، وكلاهما غلط، والأحاديث الصحيحة ترده، ولو كان ذلك على الروح فقط لم يكن للقبر بالروح اختصاص؛ وهذا يتضح بجواب المسألة، وهي قول السائل : هل عذاب القبر على النفس والبدن؟ أو على النفس دون البدن؟ أو على البدن دون النفس؟ وهل يشارك البدن النفس في النعيم والعذاب أم لا؟  
وقد سئل شيخ الإسلام عن هذه المسألة، ونحن نذكر لفظ جوابه، فقال : «بل العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعا باتفاق أهل السنة والجماعة، تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن، وتنعم وتعذب متصلة بالبدن والبدن متصل بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين كما تكون على الروح منفردة عن البدن. وهل يكون العذاب والنعيم للبدن بدون الروح؟ هذا فيه قولان مشهوران لأهل الحديث والسنة وأهل الكلام، وفي المسألة أقوال شاذة ليست من أقوال أهل السنة والحديث، قول من يقول : إن النعيم والعذاب لا يكون إلا على الروح، وان البدن لا ينعم ولا يعذب، وهذا تقوله الفلاسفة المنكرون لمعاد الأبدان، وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين، ويقوله كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم الذين يقرون بمعاد الأبدان، لكن يقولون : لا يكون ذلك في البرزخ، وإنما يكون عند القيام من القبور، لكن هؤلاء ينكرون عذاب البدن في البرزخ فقط، ويقولون : إن الأرواح هي المنعمة أو المعذبة في البرزخ، فإذا كان يوم القيامة عذبت الروح والبدن معا؛ وهذا القول قاله طوائف من المسلمين من أهل الكلام والحديث وغيرهم، وهو اختيار ابن حزم وابن مرة، فهذا القول ليس من الأقوال الثلاثة الشاذة، بل هو مضاف إلى قول من يقول بعذاب القبر ويقر بالقيامة ويثبت معاد الأبدان والأرواح، ولكن هؤلاء لهم في عذاب القبر ثلاثة أقوال : أحدها : أنه على الروح فقط، الثاني : أنه عليها وعلى البدن بواسطتها، الثالث : أنه على البدن فقط، وقد يضم إلى ذلك القول الثاني وهو قول من يثبت عذاب القبر ويجعل الروح هي الحياة ويجعل الشاذ قول منكر عذاب الأبدان مطلقا، وقول من ينكر عذاب الروح مطلقا؛ فإذا جعلت الأقوال الشاذة ثلاثة، فالقول الثاني الشاذ قول من يقول إن الروح بمفردها لا تنعم ولا تعذب وإنما الروح هي الحياة، وهذا يقوله طوائف من أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية كالقاضي أبى بكر وغيره، وينكرون أن الروح تبقى بعد فراق البدن، وهذا قول باطل وقد خالف أصحابه أبو المعالي الجويني وغيره، بل قد ثبت بالكتاب والسنة واتفاق الأمة أن الروح تبقى بعد فراق البدن، وأنها منعمة أو معذبة، والفلاسفة والإلهيون يقرون بذلك لكن ينكرون معاد الأبدان، وهؤلاء يقرون بمعاد الأبدان لكن ينكرون معاد الأرواح ونعيمها وعذابها بدون الأبدان، وكلا القولين خطأ وضلال، لكن قول الفلاسفة أبعد عن أقوال أهل الإسلام وإن كان قد يوافقهم عليه من يعتقد أنه متمسك بدين الإسلام، بل من يظن أنه من أهل المعرفة والتصوف والتحقيق والكلام.
والقول الثالث الشاذ قول من يقول : إن البرزخ ليس فيه نعيم ولا عذاب، بل لا يكون ذلك حتى تقول الساعة الكبرى، كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة ونحوهم ممن ينكر عذاب القبر ونعيمه بناء على أن الروح لا تبقى بعد فراق البدن، وأن البدن لا ينعم ولا يعذب، فجميع هؤلاء الطوائف ضلال في أمر البرزخ، لكنهم خير من الفلاسفة، فإنهم مقرون بالقيامة الكبرى. 
فصل
 فإذا عرفت هذه الأقوال الباطلة، فلتعلم أن مذهب سلف الأمة وأئمتها أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة، وأنها تتصل بالبدن أحيانا ويحصل له معها النعيم أو العذاب، ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الأرواح إلى الأجساد، وقاموا من قبورهم لرب العالمين؛ ومعاد الأبدان متفق عليه بين المسلمين واليهود والنصارى. 
فصل 
من
المسألة السابعة وهى قول للسائل ما جوابنا للملاحدة والزنادقة المنكرين لعذاب القبر وسعته وضيقه وكونه حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة وكون الميت لا يجلس ولا يقعد فيه :

... الأمر العاشر : أن الموت معاد وبعث أول، فإن الله سبحانه وتعالى جعل
لابن آدم معادين وبعثين يجزى فيهما الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى. فالبعث الأول : مفارقة الروح للبدن ومصيرها إلى دار الجزاء الأول.
والبعث الثانى : يوم يرد الله الأرواح إلى أجسادها ويبعثها من قبورها إلى الجنة أو النار، وهو الحشر الثانى؛ ولهذا في الحديث الصحيح «وتؤمن بالبعث الآخر» (أخرجه البخاري في [2] كتاب الإيمان : [37] باب سؤال جبريل النبي عن الإيمان والإسلام [الحديث : 50]، وأخرجه مسلم في [1] كتاب الإيمان : [1] باب الإيمان ما هو؟ [الحديث : 97])، فإن البعث الأول لا ينكره أحد، وإن أنكر كثير من الناس الجزاء فيه والنعيم والعذاب، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هاتين القيامتين، وهما الصغرى والكبرى، في سورة المؤمنين، وسورة الواقعة، وسورة القيامة، وسورة المطففين، وسورة الفجر، وغيرها من السور؛ وقد اقتضى عدله وحكمته أن جعلها دارى جزاء المحسن والمسىء، ولكن توفية الجزاء إنما يكون يوم المعاد الثانى في دار القرار كما قال تعالى : «كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة» (سورة آل عمران، الآية : 185).
وقد اقتضى عدله وأوجبت سماؤه الحسنى وكماله المقدس تنعيم أبدان أوليائه وأرواحهم، وتعذيب أبدان أعدائه وأرواحهم، فلا بد أن يذيق بدن المطيع له وروحه من النعيم واللذة ما يليق به، ويذيق بدن الفاجر العاصى له وروحه من الألم والعقوبة ما يستحقه، هذا موجب عدله وحكمته وكماله المقدس؛ ولما كانت هذه الدار دار تكليف وامتحان لا دار جزاء، لم يظهر فيها ذلك، وأما البرزخ فأول دار الجزاء فظهر فيها من ذلك ما يليق بتلك الدار، وتقتضى الحكمة إظهاره. 
فإذا كان يوم القيامة الكبرى وفي أهل الطاعة وأهل المعصية ما يستحقونه من نعيم الأبدان والأرواح وعذابهما، فعذاب البرزخ ونعيمه أول عذاب الآخرة ونعيمها، وهو مشتق منه، وواصل إلى أهل البرزخ هناك، كما دل عليه القرآن والسنة الصحيحة الصريحة في غير موضع دلالة صريحة، كقوله : «فيفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها«، وفي الفاجر : «فيفتح له باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها» (أخرجه أبو داود في [35] كتاب : السنة، [24] باب : المسألة في القبر وعذاب القبر [الحديث : 4753]، وأخرجه النسائي في [21] كتاب الجنائز، [114] باب : عذاب القبر [الحديث : 2058]، وأخرجه ابن ماجه في [37] كتاب الزهد، [32] باب : ذكر الموت والبلى [الحديث : 4269])، ومعلوم قطعا ان البدن يأخذ حظه من هذا الباب كما تأخذ الروح حظها، فإذا كان يوم القيامة دخل من ذلك الباب إلى مقعده الذى هو داخله. وهذان البابان يصل منهما إلى العبد فى هذه الدار أثر خفي محجوب بالشواغل والغواشي الحسية والعوارض، ولكن يحس به كثير من الناس وإن لم يعرف سببه ولا يسحن التعبير عنه، فوجود الشيء غير الاحساس به والتعبير عنه، فإذا مات كان وصول ذلك الأثر إليه من ذينك البابين أكمل، فإذا بعث كمل وصل ذلك الأثر إليه. فحكمة الرب تعالى منتظمة لذلك أكمل انتظام في الدور الثلاث.

Islam et ésotérisme (3) الإسلام و الباطنية

La réincarnation du point de vue de l'islam sunnite
Parlant de la réincarnation chez les musulmans druzes dans un ancien article, nous avons été amené à noter, dans le premier de la série des trois articles dont le présent est le dernier, que le mouvement druze est considéré par la majorité sunnite des musulmans comme étant une hérésie, l'orthodoxie lui déniant toute appartenance à l'islam.
Aussi, après l'évocation de la réincarnation du point de vue hétérodoxe, nous l'avons présentée, dans le premier article de cette série, telle que vue et jugée par l'islam sunnite et ce à partir d'extraits d'une thèse de doctorat en arabe de Mohamed Ahmed AlKhatib, publiée en 1984 sous le titre : Les mouvements ésotériques dans le monde islamique : leurs croyances et ce qu'en pense l'islam. 
Dans le deuxième article, on a présenté un extrait de cette même thèse portant sur le point de vue de l'islam sunnite orthodoxe de la question de la réincarnation. 
Dans le présent article, le dernier de la série, nous exposons un autre extrait du même livre relatif au jugement islamique orthodoxe de l'ésotérisme en général et du mouvement druze en particulier.
S'agissant de la thématique spirite de la réincarnation du point de vue islamique et notamment de son degré d'adaptabilité avec l'islam orthodoxe, degré qui serait nul d'après l'auteur de la thèse, nous y reviendrons plus tard, car nous sommes loin de partager son avis, pensant qu'il ne s'agit que d'une question d'interprétation théologique et d'exégèse des textes coraniques.  

Islam et ésotérisme (2) الإسلام و الباطنية

L'Islam sunnite et le dogme druze
Dans le cadre de notre évocation, dans un ancien article, de la réincarnation d'un point de vue musulman particulier, celui des Druzes, et pour être complet et précis, nous avons exposé cette thématique dans l'article précédent telle qu'elle est vue et jugée par l'islam sunnite, en notant que la doctrine druze est considérée par la majorité des musulmans comme étant une hérésie, le sunnisme lui déniant toute appartenance à l'islam.
Nous avons alors présenté un extrait sur le sujet d'une thèse de doctorat en arabe de Mohamed Ahmed AlKhatib, publiée en 1984 sous le titre : Les mouvements ésotériques dans le monde islamique : leurs croyances et ce qu'en pense l'islam.   
Dans le second extrait que nous faisons de cette thèse, nous présentons aujourd'hui le point de vue de l'islam sunnite du dogme de la réincarnation.
Dans un dernier article à venir, on exposera un autre extrait du livre relatif au jugement islamique orthodoxe du mouvement druze en général.
Quant à la thématique spirite de la réincarnation d'un point de vue islamique et notamment de son degré d'adaptabilité avec l'islam orthodoxe, degré qui serait nul d'après l'auteur précité, nous y reviendrons plus tard, car on est loin de partager cet avis, pensant qu'il ne s'agit que d'une question d'interprétation théologique et d'exégèse des textes coraniques.  

Islam et ésotérisme (1) الإسلام و الباطنية

La réincarnation druze telle que la voit l'islam sunnite

Nous avons évoqué dans un article précédent la réincarnation d'un point de vue musulman particulier, celui des Druzes.
Pour être complet et précis, il nous faut noter que la doctrine druze est considérée par la majorité des musulmans comme étant une hérésie; ainsi, le sunnisme lui dénie toute appartenance à l'islam.
Dans cette même perspective et après avoir exposé la question de la réincarnation d'un point de vue druze, nous y revenons pour l'évoquer telle qu'elle est vue et jugée par l'islam sunnite et ce à partir d'extraits d'une thèse de doctorat en arabe de Mohamed Ahmed AlKhatib, publiée en 1984 sous le titre : Les mouvements ésotériques dans le monde islamique : leurs croyances et ce qu'en pense l'islam.
Dans l'article d'aujourd'hui, on présentera un extrait de ce livre sur le dogme de la réincarnation chez les Druzes. Dans un article à venir, on exposera un autre extrait sur le point de vue de l'islam sunnite de ce dogme. Et dans un dernier article, on présentera le jugement islamique orthodoxe du mouvement druze en général.
Quant à la thématique spirite de la réincarnation d'un point de vue islamique et notamment de son degré d'adaptabilité avec l'islam orthodoxe et qui serait nul d'après l'auteur précité, nous y reviendrons plus tard, car on est loin de partager cet avis, pensant qu'il ne s'agit que d'une question d'interprétation théologique et d'exégèse des textes coraniques.  

Réincarnation en islam التجاسد في الإسلام

التجاسد‭ ‬عند‭ ‬المسلمين‭ ‬الدروز
‭ ‬La réincarnation chez les musulmans druzes

بعد‭ ‬ذكرنا‭ ‬لقصة‭ ‬الطفل‭ ‬اللبناني‭ ‬الدرزي‭ ‬عماد‭ ‬الأعور‭ ‬في‭ ‬حلقتين،‭ ‬نعرض‭ ‬اليوم‭ ‬لموضوع‭ ‬التجاسد‭ ‬عند‭ ‬المسلمين‭ ‬الدروز‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مقال‭ ‬للصحفي‭ ‬سلمان‭ ‬العنداري‭ ‬نشره‭ ‬كتحقيق‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬الجرائد‭ ‬ثم‭ ‬أورده‭ ‬بمدونته‭ ‬المشار‭ ‬إليها‭ ‬بآخر‭ ‬المقال‭ ‬وذلك‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ : ‬التقمّص‭ ... ‬عندما‭ ‬نموت‭ ‬ونعود‭ ‬الى‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬بتاريخ‭ ‬25‭ ‬يونيو‭ ‬2011‭.‬
وينصح‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المدونة‭ ‬لقراءة‭ ‬المقال‭ ‬بأكمله‭ ‬حيث‭ ‬ورد‭ ‬هنا‭ ‬بتصرف،‭ ‬مع‭ ‬الشكر‭ ‬لصاحبه‭.‬
مع‭ ‬الملاحـظة‭ ‬أن‭ ‬صاحب‭ ‬المقال‭ ‬يستعمل‭ ‬كلمة‭ ‬التقمص‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬التجاسد،‭ ‬و‭ ‬هي‭ ‬مرادفة‭ ‬لها‭.‬
‭   ‬
التقمص‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬تقمّص،‭ ‬اي‭ ‬لبس‭ ‬قميصاً‭. ‬واستعار‭ ‬الموحدون‭ ‬الدروز‭ ‬هذه‭ ‬اللفظة‭ ‬لكي‭ ‬يطلقوها‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬الاول‭ ‬من‭ ‬اشكال‭ ‬التناسخ‭ ‬الذين‭ ‬يؤمنون‭ ‬به،‭ ‬اي‭ ‬انتقال‭ ‬الروح‭ ‬بعد‭ ‬الموت‭ ‬من‭ ‬جسد‭ ‬المائت‭ ‬الى‭ ‬جسد‭ ‬مولود‭ ‬بشري‭ ‬آخر،‭ ‬وعنهم‭ ‬اخذت‭ ‬هذه‭ ‬التسمية‭ ‬وانتشر‭ ‬استعمالها‭. ‬فما‭ ‬هو‭ ‬التقمّص؟‭ ‬وهل‭ ‬صحيح‭ ‬ان‭ ‬الروح‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬جسد‭ ‬الى‭ ‬آخر‭ ‬وتعود‭ ‬بعد‭ ‬الموت؟‭ ‬وهل‭ ‬التقمّص‭ ‬عقيدة‭ ‬ام‭ ‬ظاهرة؟‭ ‬حقيقة‭ ‬ام‭ ‬خيال؟‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬القصص‭ ‬والوقائع‭ ‬المتداولة‭ ‬في‭ ‬الاوساط‭ ‬الدرزية‭ ‬عن‭ ‬اشخاص‭ ‬ماتوا‭ ‬وعادوا‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬بأجساد‭ ‬اخرى‭ ‬ليتذكروا‭ ‬حيواتهم‭ ‬السابقة؟
انتقال‭ ‬الروح‭ ‬من‭ ‬جسد‭ ‬انسان‭ ‬الى‭ ‬جسد‭ ‬آخر‭ ‬يسمى‭ ‬التناسخ‭. ‬وهو‭ ‬نظرية‭ ‬دينية‭ ‬قديمة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬عودة‭ ‬الروح‭ ‬بعد‭ ‬الموت‭ ‬الى‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬جديد،‭ ‬ويرى‭ ‬القائلون‭ ‬بها‭ ‬ان‭ ‬الروح‭ ‬جوهر‭ ‬الهي‭ ‬أزلي‭ ‬خالد،‭ ‬وخلودها‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬حيوات‭ ‬شتى‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬امتدادها‭ ‬حياة‭ ‬واحدة‭ ‬ابدية‭ ‬مستمرة‭. ‬الا‭ ‬انهم‭ ‬اختلفوا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الشمول‭ ‬والاختصاص،‭ ‬وتشعبوا‭ ‬الى‭ ‬مفاهيم‭ ‬مختلفة‭ ‬نسجت‭ ‬كل‭ ‬جماعة‭ ‬او‭ ‬امة‭ ‬ديباجتها‭ ‬وفق‭ ‬أمنياتها‭ ‬ورغباتها‭ ‬وخلفياتها‭.‬
أصحاب‭ ‬الشمول‭ ‬جعلوا‭ ‬التناسخ‭ ‬مشتركاً‭ ‬بين‭ ‬الانسان‭ ‬والحيوان‭ ‬والنبات‭ ‬والجماد‭. ‬اما‭ ‬اصحاب‭ ‬الاختصاص،‭ ‬فرأوا‭ ‬في‭ ‬التناسخ‭ ‬انتقال‭ ‬الروح‭ ‬من‭ ‬جسد‭ ‬بشري‭ ‬الى‭ ‬آخر،‭ ‬ولهذا‭ ‬أطلق‭ ‬الدروز‭ ‬على‭ ‬التناسخ‭ ‬اسم‭ ‬التقمّص‭ ‬لتمييزه‭ ‬عن‭ ‬الاشكال‭ ‬الاخرى‭ ‬السائدة‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬الفئات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لان‭ ‬تقمّص‭ ‬الانسان‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬حيوان‭ ‬مثلاً‭ ‬يتنافى‭ ‬وشريعة‭ ‬الترقي‭ ‬العامة‭ ‬ويتنافى‭ ‬وشكل‭ ‬الجسد‭ ‬الروحي‭ ‬مع‭ ‬وظائفه‭.‬
والتقمص‭ ‬عند‭ ‬الموحدين‭ ‬الدروز‭ ‬معتقد‭ ‬راسخ‭ ‬وثابت‭ ‬يستخلصونه‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬ويؤمنون‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬ألف‭ ‬سنة،‭ ‬باعتبار‭ ‬ان‭ ‬الروح‭ ‬الالهية‭ ‬لا‭ ‬تنزل‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬روح‭ ‬الهية،‭ ‬وهي‭ ‬تتقمص‭ ‬وصولاً‭ ‬الى‭ ‬مرحلة‭ ‬الصفاء‭ ‬اذ‭ ‬تصبح‭ ‬في‭ ‬غنى‭ ‬عن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مادي‭ ‬وترجع‭ ‬الى‭ ‬خالقها‭.‬
رغم‭ ‬الرفض‭ ‬الشيعي‭ ‬والسنّي‭ ‬لفكرة‭ ‬التقمّص،‭ ‬يؤكّد‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬للمحكمة‭ ‬الدرزية‭ ‬الاستئنافية‭ ‬الشيخ‭ ‬مرسل‭ ‬نصر ‭  ‬ان‭ : ‬الموحدين الدروز طائفة مسلمة مؤمنة موحّدة تشهد ان لا إله الا الله وان محمد رسول الله، وتقر بوجوب الصوم والصلاة والزكاة والحج لمن استطاع، ومن لا يقرّ بهذا يكون قد خرج من التوحيد. فالموحدون الدروز مسلمون، تعمّق ائمتهم الاوائل في درس القرآن بتنزيله وتأويله، واليه استندوا في اعتقاد مبدأ التقمص، فضلاً عن ان عدداً كبيراً من ائمة الاسلام وفلاسفتهم ومفكريهم وفي شتى الاعصار والامصار قالوا بهذا المبدأ انطلاقاً من الايمان بخلود الروح الذي يفترض ان يكون لها ماضٍ وحاضر ومستقبل، وان تكون لها مهمة تؤديها في شتى مراحل الحياة، كما تجدر الاشارة الى ان من لا يعتقد بالتقمص داخل الطائفة لا يخرج من الملة.
يرى‭ ‬نصر‭ ‬رأيين‭ ‬في‭ ‬عقيدة‭ ‬التقمّص،‭ ‬الاول‭ ‬يجزم‭ ‬ان‭ ‬الروح‭ ‬تصعد‭ ‬الى‭ ‬السماء‭ ‬فور‭ ‬مفارقتها‭ ‬الجسد،‭ ‬ويستند‭ ‬الى‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: *‬يسألونك‭ ‬عن‭ ‬الروح‭ ‬قلّ‭ ‬الروح‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬ربّي،‭ ‬وما‭ ‬أوتيتم‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬الا‭ ‬قليلاً‭*‬—،‭ ‬ومؤيدوه‭ ‬لا‭ ‬يعتقدون‭ ‬بالتقمّص‭. ‬اما‭ ‬الرأي‭ ‬الثاني‭ ‬فيستند‭ ‬الى‭ ‬اجتهاد‭ ‬بعض‭ ‬أئمة‭ ‬الموحدين‭ ‬لقوله‭ ‬تعالى‭ : *‬وكيف‭ ‬تكفرون‭ ‬بالله‭ ‬وكنتم‭ ‬امواتاً‭ ‬فأحياكم‭ ‬ثم‭ ‬يميتكم‭ ‬ثم‭ ‬يحييكم‭ ‬ثم‭ ‬اليه‭ ‬ترجعون‭*‬—‭ ‬سورة‭ ‬البقرة،‭ ‬كما‭ ‬الى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الآيات‭ ‬والنصوص‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬التقمّص‭ ‬وتعدد‭ ‬الحياة‭ ‬والممات‭.‬
يشبّه‭ ‬نصر‭ ‬تقمّص‭ ‬الانسان‭ ‬بمثابة‭ : ‬الامتحانات الفصلية، اما يوم القيامة والمحاسبة فهو بمثابة الامتحان الاخير الذي يقرر فيه اذا ما نجح الطالب ام لا، فالحساب واجب والقيامة واجبة، وهي معتقد اساسي من معتقد التوحيد، اذ يدخل بعضهم الى الجنة ويذهب البعض الاخر الى النار‭.‬
ويتابع‭ : ‬ان عقيدة التقمّص ليست محصورة عند الموحدين الدروز، بل موجودة في كثير من الديانات القديمة، والشرقية منها خصوصاً، فحتى المسيحية في الزمن القديم كانت تعتقد بالتقمص، الا انه بعد الاجتماعات الكهنوتية التي حصلت اتخذ القرار بعدم اعتماد هذه العقيدة، علماً انها بقيت بين بعض المتعمقين في الدين المسيحي، على‭ ‬ما‭ ‬يقول‭ ‬نصر‭.
التقمّص عقيدة قديمة :
كان‭ ‬الفراعنة‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬آمنوا‭ ‬بهذه‭ ‬العقيدة،‭ ‬وجسدوا‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬دفن‭ ‬أمواتهم،‭ ‬اذ‭ ‬كانوا‭ ‬يعمدون‭ ‬الى‭ ‬وضع‭ ‬كل‭ ‬حاجات‭ ‬المأكل‭ ‬والمشرب‭ ‬والادوات‭ ‬الشخصية‭ ‬مع‭ ‬الميت،‭ ‬حتى‭ ‬انهم‭ ‬وضعوا‭ ‬تماثيل‭ ‬لخدّامهم‭ ‬لاعتقادهم‭ ‬انه‭ ‬عند‭ ‬عودة‭ ‬الروح‭ ‬الى‭ ‬المتوفى‭ ‬سيجد‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬خدمته،‭ ‬كما‭ ‬كانوا‭ ‬يرسمون‭ ‬وجه‭ ‬الميت‭ ‬على‭ ‬التابوت‭ ‬بهدف‭ ‬تعرّف‭ ‬الروح‭ ‬الى‭ ‬جسدها‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تلتصق‭ ‬بجسد‭ ‬آخر‭.‬
وفي‭ ‬اليونان‭ ‬ايضاً،‭ ‬آمن‭ ‬بعض‭ ‬الفلاسفة‭ ‬بـالتناسخ،‭ ‬ومنهم‭ ‬أفلاطون‭ ‬وأرسطو‭ ‬وسقراط،‭ ‬اذ‭ ‬يعتبر‭ ‬أرسطو‭ ‬ان‭ ‬الروح‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬صالحة‭ ‬تعود‭ ‬لتخلق‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬حيوان‭. ‬وآمنت‭ ‬بذلك‭ ‬بعض‭ ‬الديانات‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬والصين‭ ‬والشرق‭ ‬الاقصى،‭ ‬كالبوذيين‭ ‬الذين‭ ‬يعتبرون‭ ‬ان‭ ‬الحياة‭ ‬عذاب،‭ ‬وروح‭ ‬الانسان‭ ‬ان‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬صالحة‭ ‬ستعود‭ ‬إلى‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬آخر‭ ‬حتى‭ ‬تصبح‭ ‬طاهرة‭.‬
واضافة‭ ‬الى‭ ‬اعتقاد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القبائل‭ ‬والشعوب‭ ‬الاخرى‭ ‬بالتقمّص،‭ ‬جاءت‭ ‬الكتب‭ ‬الدينية‭ ‬السموية‭ ‬كلها‭ ‬لتؤكد‭ ‬ان‭ ‬الروح‭ ‬ترجع‭ ‬إلى‭ ‬خالقها‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬قد‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬الجسد‭ *‬لان‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬قدير‭*.‬
في‭ ‬المسيحية،‭ ‬وحتى‭ ‬انعقاد‭ ‬المجمع‭ ‬أو‭ ‬المؤتمر‭ ‬الكهنوتي‭ ‬الخامس‭ ‬في‭ ‬حزيران‭ ‬عام‭ ‬553م‭ ‬في‭ ‬القسطنطينية،‭ ‬آمن‭ ‬المسيحيون‭ ‬بالتقمص،‭ ‬وكان‭ ‬الفيلسوف‭ ‬والعالم‭ ‬المسيحي‭ ‬أوريغينيس‭ ‬الإسكندراني‭ : ‬185‭ ‬–‭ ‬254م،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬مدرسة‭ ‬اللاهوت‭ ‬في‭ ‬الإسكندرية‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬وحلل‭ ‬موضوع‭ ‬التقمص‭ ‬في‭ ‬المسيحية‭ ‬وتبعه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكهنة‭ ‬وعامة‭ ‬الشعب،‭ ‬حيث‭ ‬تقرر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬الغاء‭ ‬الإيمان‭ ‬بالتقمص‭ ‬وهدر‭ ‬دم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يؤمن‭ ‬به‭ ‬واعتباره‭ ‬خارجاً‭ ‬عن‭ ‬الديانة‭ ‬المسيحية‭ ‬ووجب‭ ‬إعدامه‭ ‬حرقاً‭.
لكل فعل... ردة فعل :
يقول‭ ‬الباحث‭ ‬محمد‭ ‬خليل‭ ‬الباشا‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ : ‬التقمّص‭ ‬واسرار‭ ‬الحياة‭ ‬والموت،‭ ‬ان‭ ‬الغاية‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬الروح‭ ‬الجسد‭ ‬لباساً‭ ‬لها‭ ‬هي‭ ‬الاختبار‭ ‬والتجربة‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬التسامي‭ ‬والترقي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الذات‭ ‬وبلوغ‭ ‬الصفاء‭ ‬والنقاء،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يتحقق‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القصيرة‭ ‬المعدودة‭ ‬للانسان‭ ‬في‭ ‬التقمص‭ ‬الواحد،‭ ‬فكيف‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬مات‭ ‬الانسان‭ ‬شاباً‭ ‬أو‭ ‬طفلاً،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬قيمة‭ ‬السنوات‭ ‬مهما‭ ‬كثرت‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬روح‭ ‬خالدة،‭ ‬بل‭ ‬ما‭ ‬قيمتها‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الزمن،‭ ‬في‭ ‬كون‭ ‬هائل‭ ‬سما‭ ‬على‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭. ‬فالتجارب‭ ‬اللازمة‭ ‬لإدراك‭ ‬المعرفة‭ ‬وبلوغ‭ ‬الصفاء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تتم‭ ‬في‭ ‬زمان‭ ‬محدود‭ ‬أو‭ ‬مكان‭ ‬محدود،‭ ‬بل‭ ‬بأعمال‭ ‬لا‭ ‬تتسع‭ ‬لها‭ ‬حياة‭ ‬واحدة‭ ‬ولا‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬الأرض‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الاطار‭ ‬يقول‭ ‬نصر‭ ‬ان‭ ‬الموحدين‭ ‬الدروز‭ ‬يعتقدون‭ ‬ان‭ ‬التقمّص‭ ‬يتم‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الالهية‭ : ‬فالمجتهدون بهذه العقيدة ارادوا ان يجدوا تفسيراً للتناقض الموجود في الحياة، فلماذا هذا اعمى وهذا مبصر؟ ولماذا هذا غني وهذا فقير؟‭. ‬ويضيف‭ : ‬عندما يولد توأمان، احدهما ضرير والثاني مبصر، فماذا جنت يد الضرير حتى ولد هكذا، وماذا جنت يد البصير حتى ولد على حالته؟ فقالوا انه لا بد من عمل سابق استحق فيه الضرير ان يولد ضريراً واستحق فيه البصير ان يولد بصيراً، وان هذا الموضوع ايضاً ينطبق على قوله تعالى ‭*‬ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره‭*‬—، و‭*‬وما أوتيتم من مصيبة فبما كسبت ايديكم‭*‬. اذن فالمصيبة التي وقع فيها الضرير يمكن ان يكون اكتسبها في الدين السابق. كما ان الكثير من الجبابرة الذين اضطهدوا وقتلوا وفتكوا ماتوا ميتةً طبيعية ولم يحاسبوا على اي شيء مما اقترفته أيديهم. اعتبر المجتهدون الدروز انه يجب ان يكون لكل فعل ردة فعل. وردة الفعل ان لم تحصل في هذا الجيل فستحصل في الجيل التالي، وذلك يتم عبر التقمص. ومن هنا كان الاجتهاد لازالة التناقضات التي نراها في حياتنا من اجل تحقيق العدالة الالهية، وكان التقمص ضرورة للانسان كي يمر بمستويات متعددة من فقر وغنى وذكاء وغباء، ليحاسب في هذه المستويات المختلفة‭.‬
كيف يتذكر الانسان حياته السابقة؟ 
تقول‭ ‬تقنية‭ ‬التقمص‭ ‬انه‭ ‬بعد‭ ‬الموت‭ ‬يذهب‭ ‬العقل‭ ‬الباطني‭ ‬مع‭ ‬الروح‭. ‬وعندما‭ ‬تتقمص‭ ‬الروح‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬جديد‭ ‬يفرّغ‭ ‬هذا‭ ‬العقل‭ ‬تسجيلاته‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬الاساسية،‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬ليسجل‭ ‬الاحداث‭ ‬الجديدة،‭ ‬وعند‭ ‬ولادة‭ ‬الطفل‭ ‬تكون‭ ‬حياته‭ ‬القديمة‭ ‬حاضرة‭ ‬امامه،‭ ‬وقد‭ ‬يتذكر‭ ‬تفاصيلها‭ ‬عندما‭ ‬يبدأ‭ ‬بالكلام‭ ‬لكنه‭ ‬ينساها‭ ‬مع‭ ‬الايام،‭ ‬رغم‭ ‬انها‭ ‬تظل‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬عقله‭ ‬الباطني‭.‬
اما‭ ‬التذكّر‭ ‬او‭ ‬النطق،‭ ‬فيعني‭ ‬ان‭ ‬يستبقي‭ ‬عقل‭ ‬بعض‭ ‬الاشخاص‭ ‬شيئاً‭ ‬من‭ ‬ذكريات‭ ‬التقمص،‭ ‬ويصفون‭ ‬ماضيهم‭ ‬اوصافاً‭ ‬امكن‭ ‬التثبت‭ ‬من‭ ‬كثير‭ ‬منها،‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬اي‭ ‬اعراض‭ ‬لاضطراب‭ ‬الذاكرة‭ ‬يثير‭ ‬عند‭ ‬صاحبها‭ ‬بعض‭ ‬الذكريات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تظهر‭ ‬اما‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬اوهام‭ ‬تحل‭ ‬محل‭ ‬ذكرى‭ ‬حقيقية‭ ‬غربت‭ ‬عن‭ ‬ذهنه،‭ ‬واما‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬ذكريات‭ ‬حقيقية‭ ‬التبس‭ ‬فيها‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان،‭ ‬واما‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬تصوّر‭ ‬احداث‭ ‬يخيّل‭ ‬له‭ ‬انه‭ ‬مر‭ ‬بها‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الرؤية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬او‭ ‬déjà vu‭.‬
يصف‭ ‬نصر‭ ‬النطق‭ ‬بانه‭ ‬: حالة من الكمون في لاوعي الانسان لكثير من التجارب والمعارف التي اكتسبتها الروح على مر العصور، وكل ذرة من هذا الكون تتمثل فيه، اما بالنسبة الى تذكّر الحيوات السابقة، فلا يمكن الفرد تذكّر حيواته السابقة في شكل دائم، الا انه غالباً ما يتبين ان من يموت في حادث عنيف، كاطلاق رصاص او غرق او صدام ما، يكون احتمال النطق وتذكر حياته السابقة اعلى من سواه.
التقمص يثبته العلم :
كان‭ ‬للعلم‭ ‬دور‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬اثبات‭ ‬نظرية‭ ‬التقمّص،‭ ‬اذ‭ ‬ذهب‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬طرائق‭ ‬مختلفة‭ ‬للتحقق‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬التقمص‭ ‬ومنها‭ ‬التنويم‭ ‬المغناطيسي،‭ ‬اذ‭ ‬يعتبر‭ ‬نصر‭ ‬انه‭ ‬: ساعد الى حد كبير بترسيخ عقيدة التقمص لان المنوم يمكن ان يعود الى حيوات سابقة وهذا شيء مهم جداً على صعيد العلم.
عصام عاد بعد 3 سنوات على موته؟
المتتبع‭ ‬لاحداث‭ ‬التقمّص‭ ‬يصادف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬اخبار‭ ‬التذكّر‭ ‬والنطق،‭ ‬كقصة‭ ‬جميل‭ ‬السوقي‭ ‬الذي‭ ‬قتل‭ ‬في‭ ‬حوادث‭ ‬1958‭ ‬ثم‭ ‬عاد‭ ‬وولد‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬الشويفات،‭ ‬وعندما‭ ‬نطق‭ ‬ذهب‭ ‬الى‭ ‬اهله‭ ‬السابقين‭ ‬وارشدهم‭ ‬الى‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬خبّأ‭ ‬فيه‭ ‬بندقيته،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬لهم‭ ‬انه‭ ‬اودع‭ ‬ساعته‭ ‬عند‭ ‬فرّان‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬عاليه‭ ‬الجبلية،‭ ‬وقد‭ ‬ذهب‭ ‬شقيقه‭ ‬الى‭ ‬الفران‭ ‬المذكور‭ ‬فوجد‭ ‬انه‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬محتفظاً‭ ‬بها‭.‬
وفي‭ ‬قصة‭ ‬اخرى،‭ ‬يحكى‭ ‬انه‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬اللبنانية‭ ‬عام‭ ‬1976،‭ ‬قتل‭ ‬الشاب‭ ‬عصام‭ ‬سعيد‭ ‬نتيجة‭ ‬الاشتباكات‭ ‬التي‭ ‬دارت‭ ‬في‭ ‬قريته‭ ‬صليما‭ ‬في‭ ‬المتن‭ ‬الاعلى‭. ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬مقتله،‭ ‬فوجىء‭ ‬اهل‭ ‬المرحوم‭ ‬بفتى‭ ‬صغير‭ ‬يطرق‭ ‬بابهم‭ ‬ويشير‭ ‬اليهم‭ ‬بالاسم‭ ‬مدعياً‭ ‬انه‭ ‬عصام‭ ‬وقد‭ ‬تقمص‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬الطفل‭ ‬فراس‭ ‬الحلبي‭ ‬من‭ ‬قرية‭ ‬الخلوات‭ ‬المجاورة‭.‬
التقينا‭ ‬فراس‭ ‬بعد‭ ‬33‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬مقتل‭ ‬عصام‭ ‬ليخبرنا‭ ‬قصته‭ ‬الغريبة،‭ ‬وكيف‭ ‬تقمص‭ ‬وتذكر‭ ‬حياته‭ ‬السابقة‭: ‬بعد عودتنا من المملكة العربية السعودية الى لبنان عام 1979 كنت طفلاً صغيراً، وبدأت أردد اسماء غريبة: صلاح وحياة، وكانت والدتي تتساءل دوماً عن سبب تردادي المستمر لهذه الاسماء التي لا اعرفها.
وتابع‭: ‬في احدى المرات، اصطحبني عمّي في جولة معه الى بعض المناطق التي تحيط بقريتنا، وعندما وصلنا الى ساحة بلدة صليما، قلت لعمي اسم القرية، ففوجىء كيف يعلم الطفل الآتي من السعودية باسم قرية لم يزرها يوماً، وعندما وصلنا الى وسط البلدة، ترجلت من السيارة لأبدأ مصافحة الناس ومناداتهم باسمائهم، قائلاً انني عصام سعيد. وهنا اكتشف اهلي انني متقمص.
يؤكد‭ ‬فراس‭ ‬انه‭ ‬عاش‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬الداخلي‭ ‬بين‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر،‭ ‬صراع‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬نتيجة‭ ‬ازدواجية‭ ‬الذكريات‭ ‬والتباسها‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الاوقات،‭ ‬وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬المراحل،‭ ‬اصبحت‭ ‬عائلة‭ ‬سعيد‭ ‬الثانية‭ ‬جزءاً‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬حياته‭ ‬اليومية،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمن‭ ‬استطاع‭ ‬فراس‭ ‬ان‭ ‬يتجاوز‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬رغم‭ ‬حفاظه‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬ودية‭ ‬للغاية‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬اقاربه‭ ‬في‭ ‬الجيل‭ ‬الماضي‭ ‬وخصوصاً‭ ‬اخته‭ ‬منيرة‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يتردد‭ ‬اليها‭.
جولة ستيفنسون :
زار‭ ‬البروفسور‭ ‬الاميركي‭ ‬الشهير‭ ‬يان‭ ‬ستيفنسون‭ ‬لبنان‭ ‬خلال‭ ‬جولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لاكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬عاماً‭ ‬لاجراء‭ ‬بحوث‭ ‬حول‭ ‬ظاهرة‭ ‬التقمص،‭ ‬وكانت‭ ‬زيارته‭ ‬الى‭ ‬احدى‭ ‬القرى‭ ‬الدرزية‭ ‬فجائية‭ ‬وغير‭ ‬معلنة‭ ‬لتفادي‭ ‬اي‭ ‬تحضير‭ ‬مسبق‭ ‬لرواية‭ ‬خيالية‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تشويه‭ ‬الحقيقة‭. ‬وصل‭ ‬وطلب‭ ‬من‭ ‬الأهالي‭ ‬ان‭ ‬يرشدوه‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬المنازل‭ ‬الذي‭ ‬تجسّدت‭ ‬فيه‭ ‬ظاهرة‭ ‬التقمص،‭ ‬فاستدل‭ ‬إلى‭ ‬منزل‭ ‬فتى‭ ‬في‭ ‬الخامسة‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬اسمه‭ ‬عماد‭ ‬الأعور‭ ‬روى‭ ‬له‭ ‬حياته‭ ‬السابقة‭ ‬منذ‭ ‬ان‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عمره‭. ‬وكان‭ ‬يشير‭ ‬في‭ ‬كلامه‭ ‬إلى‭ ‬قرية‭ ‬أخرى‭ ‬تبعد‭ ‬25‭ ‬ميلاً‭ ‬عن‭ ‬قريته،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يتلفّظ‭ ‬أسماء‭ ‬مثل‭: ‬جميلة‭ ‬ومحمود‭.‬
وبعدما‭ ‬قابله‭ ‬ستيفنسون،‭ ‬أخذه‭ ‬إلى‭ ‬القرية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يذكرها‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬كلامه،‭ ‬فتعرّف‭ ‬الى‭ ‬المنزل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعيش‭ ‬فيه،‭ ‬و‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬التعرّف‭ ‬الى‭ ‬عمه‭ ‬محمود‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬الصور‭ ‬الفوتوغرافية،‭ ‬وكذلك‭ ‬زوجته‭ ‬جميلة‭ ‬اضافة‭ ‬إلى‭ ‬كثيرين‭ ‬كان‭ ‬يعرفهم‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬السابقة‭. ‬والاغرب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬انه‭ ‬تمكّن‭ ‬من‭ ‬التعرّف‭ ‬الى‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬خبأ‭ ‬فيه‭ ‬بندقيته،‭ ‬بعدما‭ ‬كان‭ ‬سرّاً‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬احد‭ ‬سوى‭ ‬والده‭ ‬قبل‭ ‬مماته،‭ ‬كما‭ ‬تذكّر‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬موقع‭ ‬السرير‭ ‬أثناء‭ ‬مرضه‭ ‬الأخير‭ ‬قبل‭ ‬الوفاة‭.
أشكال التناسخ :
النسخ‭ ‬هو‭ ‬التقمص‭ ‬وهو‭ ‬انتقال‭ ‬النفس‭ ‬أو‭ ‬الروح‭ ‬من‭ ‬انسان‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ،‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤمن‭ ‬به‭ ‬الدروز.‬
المسخ‭ ‬ويعني‭ ‬انتقال‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬إلى‭ ‬جسد‭ ‬حيوان‭.‬
الرسخ‭ ‬ويعني‭ ‬انتقال‭ ‬الروح‭ ‬من‭ ‬الجسد‭ ‬البشري‭ ‬إلى‭ ‬نبات‭.‬
الفسخ‭ ‬وهو‭ ‬انتقال‭ ‬الروح‭ ‬من‭ ‬الجسد‭ ‬إلى‭ ‬جماد‭.‬
  بعض‭ ‬النصوص‭ ‬والايات‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬الى‭ ‬التقمص‭ ‬بشكل‭ ‬او‭ ‬بآخر‭ ‬وفق‭ ‬علماء‭ ‬دروز‭:
* في الانجيل :
‭- ‬انجيل‭ ‬متى‭ ‬12:17‭ : ‬على‭ ‬لسان‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ : ‬أقول‭ ‬لكم‭ ‬ان‭ ‬إيليا‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬ولم‭ ‬يعرفوه‭ ‬بل‭ ‬عملوا‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أرادوا‭ ‬كذلك‭ ‬ابن‭ ‬الانسان‭ ‬أيضا‭ ‬سوف‭ ‬يتألم‭ ‬منهم‭.‬
‭- ‬انجيل‭ ‬متى‭ ‬13-14‭: ‬11‭ : ‬لان‭ ‬جميع‭ ‬الانبياء‭ ‬والناموس‭ ‬تنبئوا‭ ‬إلى‭ ‬يوحنا‭ ‬وان‭ ‬أردتم‭ ‬ان‭ ‬تقبلوا‭ ‬فهو‭ ‬إيليا‭ ‬المزعم‭ ‬ان‭ ‬يأتي‭.‬
‭- ‬انجيل‭ ‬يوحنا‭ ‬3:3‭: ‬عندما‭ ‬سأله‭ ‬نيقوديموس‭ ‬أجاب‭ ‬يسوع‭ ‬وقال‭ ‬له‭: ‬الحق‭ ‬أقول‭ ‬لك‭ ‬ان‭ ‬لم‭ ‬يولد‭ ‬أحد‭ ‬ثانيةً‭ ‬فلا‭ ‬يقدر‭ ‬ان‭ ‬يعاين‭ ‬ملكوت‭ ‬الله‭.‬ 
* في القرآن :
‭- ‬سورة‭ ‬البقرة،‭ ‬الآية‭ ‬28‭: *‬كيف‭ ‬تكفرون‭ ‬بالله‭ ‬وكنتم‭ ‬أمواتاً‭ ‬فأحياكم‭ ‬ثم‭ ‬يميتكم‭ ‬ثم‭ ‬يُحييكم‭ ‬ثم‭ ‬إليه‭ ‬تُرجعون‭*‬—‭.‬
‭- ‬سورة‭ ‬طه،‭ ‬الآية‭ ‬55‭: *‬منها‭ ‬خلقناكم‭ ‬وفيها‭ ‬نعيدكم‭ ‬ومنها‭ ‬نُخرجكم‭ ‬تارةً‭ ‬أخرى‭*‬—‭.‬
‭- ‬سورة‭ ‬الزمر،‭ ‬الآية‭ ‬6‭: *‬يخلقكم‭ ‬في‭ ‬بطون‭ ‬أمهاتكم‭ ‬خلقاً‭ ‬بعد‭ ‬خلق‭*‬—‭.‬
‭ ‬بتصرف عن :
 سلمان العنداري
مدونة الكلمات القاتلة ... SA

La réincarnation‭ ‬
dans les religions monothéistes
التجاسد‭ ‬في‭ ‬الديانات‭ ‬التوحيدية
Nous avons évoqué déjà, dans un article précédent, la question centrale de la réincarnation en spiritisme d'un point de vue religieux, aussi bien en islam que dans le monothéisme en général.
On a parlé alors du canon des religions monothéistes, soit de la thèse de la réincarnation selon l'islam ou le christianisme officiels, pointant par conséquent la réticence de ces religions à accepter la notion de réincarnation ou métempsychose.
Nous revenons aujourd'hui sur cette question en la traitant, non plus du point de vue officiel des religions monothéistes, mais selon les courants minoritaires ou contestataires qui ne font pas moins partie de ces religions. 
Et cela nous permettra de soutenir que la réincarnation, dont l'intérêt est de permettre généralement de rattraper et d'expier une faute commise dans une vie antérieure ou de créer un nouvel état de plus haute perfection personnelle pour soi-même ou pour autrui, est bel est bien admise par les trois religions monothéistes. Jugez-en!    
Pour ce qui est de la religion abrahamique la plus ancienne, la religion juive, si l'on étudie la Kabbale, on trouve la réincarnation clairement mise en scène. Il en est ainsi dans le Zohar, le livre de référence de cette mystique judaïque qu'est la Kabbale.
Concernant l'Église chrétienne, la réincarnation était admise durant la jeunesse du christianisme et la notion était présente dans certains versets des Évangiles. Elle est aussi attestée durant les trois premiers siècles de la religion du Christ, chez les néo-platoniciens et chez les Pères de l'Église comme Clément d'Alexandrie et son disciple Origène, un des pères fondateurs de l'Église. Et elle est bien présente dans l'Église d'Orient. Et ce n'est que depuis le deuxième Concile de Constantinople en 553 et l'anathème jeté sur elle par Justinien, que la croyance à la réincarnation a été officiellement abandonnée, et ce bien plus pour des raisons politiques tenant à la situation de l'Église que pour des raisons de pur dogme. 
S'agissant de l'islam, et comme chez les Hébreux, la mystique est fortement marquée par cette croyance qui est bien présente dans la tradition arabe, ne serait-ce que du fait des influences chrétiennes et juives. De plus, tout au long de l'histoire, la mystique islamique s'est trouvée considérablement enrichie par la mystique antique grecque (le platonicisme) et perse (le zoroastrisme) qui reconnaissaient la réincarnation avec profondeur.
Ainsi, le soufisme, qui est la voie mystique de l'Islam par excellence, reconnaît la réincarnation avec profondeur. Il en va de même pour le chiisme qui est toujours dans l'attente de la réincarnation du Guide suprême, son Mahdi attendu.
Notons enfin que le soufisme sunnite ne renie pas non plus la réincarnation qui est bien présente dans son corps de doctrine.
Nous y reviendrons. fo. 

لقد‭ ‬تعرضنا‭ ‬سابقا‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬تنكر‭ ‬الديانات‭ ‬التوحيدية،‭ ‬ومنها‭ ‬الإسلام،‭ ‬لفكرة‭ ‬التجاسد‭.‬
ولعله‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬التأكيد‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الموقف‭ ‬لا‭ ‬يخص‭ ‬إلا‭ ‬الموقف‭ ‬الرسمي‭ ‬لتلك‭ ‬الديانات،‭ ‬و‭ ‬ذلك‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬التيارات‭ ‬الفكرية‭ ‬و‭ ‬خاصة‭ ‬الإشراقية‭ ‬التي‭ ‬تنتسب‭ ‬إليها‭ ‬و‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ترفض‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الفكرة،‭ ‬بل‭ ‬و‭ ‬تعتمدها‭ ‬كأساس‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬المعرفة‭ ‬الدينية‭ ‬عندها‭. ‬
فالقبلانية‭ ‬مثلا،‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬التيار‭ ‬التفسيري‭ ‬للتوراة‭ ‬من‭ ‬الزاوية‭ ‬الصوفية،‭ ‬لا‭ ‬ترفض‭ ‬بتاتا‭ ‬فكرة‭ ‬التجاسد‭ ‬أو‭ ‬التناسخ‭ ‬كما‭ ‬تسميها‭.‬
و‭ ‬الشأن‭ ‬نفسه‭ ‬عند‭ ‬المسيحيين‭ ‬القدامى‭ ‬و‭ ‬آباء‭ ‬الكنيسة‭ ‬الأوليين‭ ‬و‭ ‬ذلك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬طرح‭ ‬فكرة‭ ‬التجاسد‭ ‬رسميا‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الكنيسة‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬و‭ ‬ذلك‭ ‬لاعتبارات‭ ‬سياسية‭ ‬أساسا‭.  ‬
أما‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬فالتيارات‭ ‬الإشراقية‭ ‬و‭ ‬الصوفية‭ ‬لا‭ ‬ترفض‭ ‬البتة‭ ‬فكرة‭ ‬التناسخ‭ ‬و‭ ‬الرجعة،‭ ‬وهي‭ ‬التجاسد،‭ ‬بل‭ ‬تعتمدها‭ ‬كأساس‭ ‬لنظرياتها‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الشيعة،‭ ‬و‭ ‬هي‭ ‬أهم‭ ‬تيار‭ ‬ديني‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬بعد‭ ‬السنة،‭ ‬يقر‭ ‬بذلك‭ ‬أيضا،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬علاقتها‭ ‬بالتصوف‭ ‬كانت‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬ظهورها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنزع‭ ‬منزعها‭ ‬السياسي‭.  ‬فع‭.    ‬

La Réincarnation chez les Arabes anciens

Dans sa monumentale histoire des Arabes avant l'avènement de l'Islam, Jawad Ali nous rapporte que la réincarnation était bien connue est admise par les Arabes. C'est ce qui explique certaines pratiques consistant à enterrer avec le défunt des aliments et certains ustensiles pouvant lui être utiles lors de sa réincarnation.
Cette conception a survécu à l'islam et la tradition rapporte même l'attitude d'Omar, second calife Majeur, dont la première réaction à la mort du prophète Mohammed a été de la nier et d'assurer son retour certain.      
جواد علي : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام

L'âme spirite الروح النفسية


L'âme spirite
الروح النفسية
        عرف‭ ‬قابريال‭ ‬دلان،‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬تلاميذ‭ ‬المقنن‭ ‬كارداك،‭ ‬ببحوثه‭ ‬في‭ ‬علوم‭ ‬النفسية،‭ ‬وقد‭ ‬ترك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬القيمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان،‭ ‬ومنها‭ ‬كتابه‭ : ‬وثائق‭ ‬لدراسة‭ ‬التجاسد‭ ‬الذي‭ ‬نقتطف‭ ‬منه‭ ‬الفصل‭ ‬الموالي‭.‬
       وفي‭ ‬هذا‭ ‬الفصل،‭ ‬يتحدث‭ ‬دلان‭ ‬عن‭ ‬الروح‭ ‬وكونها‭ ‬مستقلة‭ ‬تمام‭ ‬الإستقلال‭ ‬عن‭ ‬الجسد‭ ‬المادي‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدعو‭ ‬للشك‭ ‬لتوفر‭ ‬الدلائل‭ ‬والقرائن‭ ‬العديدة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬إستنتاج‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬نتيجة‭ ‬اختبارات‭ ‬علمية‭.    ‬
   وقد‭ ‬قاوم‭ ‬العلم‭ ‬طويلا‭ ‬وبشدة‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاستنتاج‭ ‬حتى‭ ‬ثبتت‭ ‬لديه‭ ‬صحته‭ ‬بالدليل‭ ‬القاطع‭ ‬واستعمال‭ ‬الطرق‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬لدحضها‭.‬
   ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬محاولة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المتحايلين‭ ‬من‭ ‬استغلال‭ ‬سذاجة‭ ‬البعض‭ ‬للتمعش‭ ‬على‭ ‬حسابهم‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تمنع‭ ‬العلماء‭ ‬الحقيقيين‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬و‭ ‬التنقيب‭ ‬للوصول‭ ‬لإثبات‭ ‬علمية‭ ‬وجود‭ ‬الروح‭ ‬وإمكانية‭ ‬تجاسدها‭. ‬فالشعوذة‭ ‬لم‭ ‬تنعدم‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬علم‭ ‬ولحقت‭ ‬كل‭ ‬ميدان‭ ‬وجدت‭ ‬فيه‭ ‬الفرصة‭ ‬للتحيل‭ ‬على‭ ‬الناس؛‭ ‬ولكن‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ليضر‭ ‬بصحة‭ ‬تلك‭ ‬العلوم‭ ‬و‭ ‬أحقيتها‭ ‬بالدراسة‭ ‬و‭ ‬الإهتمام‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬النفسية‭ ‬و‭ ‬أهم‭ ‬مبادئها‭ ‬ومنها‭ ‬تجاسد‭ ‬الروح‭. ‬
فرحات‭ ‬عثمان‭   ‬

Pour apporter des lumières nouvelles sur un sujet aussi anciennement controversé que celui de l'existence de l'âme, il faut résolument abandonner le terrain des stériles discussions, philosophiques, qui n'aboutissent dans la plupart des cas qu'à des solutions contradictoires, et aborder cette question par l'observation et l'expérience.
L'âme existe substantiellement ; si elle est réellement différente du corps, il doit être possible de trouver, dans ses manifestations, des preuves de son indépendance de l'organisme. Or, ces preuves existent, et il est facile de s'en convaincre lorsque l'on étudie impartialement les faits classés aujourd'hui sous les noms de clairvoyance, de télépathie, de prémonition, d'extériorisation de la sensibilité ou de la motricité et du dédoublement de l'être humain. Pendant longtemps, la science est restée sceptique en face de ces phénomènes auxquels elle ne croyait pas, et il a fallu les efforts persévérants des spirites depuis soixante-dix ans pour orienter les chercheurs indépendants dans des voies si nouvelles. L'heure de la justice a enfin sonné, puisque M. le professeur Charles Richet a déposé sur le bureau de l'Académie des Sciences, au mois de mars 1922, son Traité de métapsychique, qui est une reconnaissance formelle de la réalité indiscutable des phénomènes dont nous parlons plus haut. Si le célèbre physiologiste reste encore opposé à l'interprétation spirite des faits, ce n'est que timidement qu'il combat cette explication ; beaucoup d'illustres savants n'ont pas eu ses scrupules, puisque Crookes, Alfred Russel Wallace, Myers, Sir Oliver Lodge, Lombroso et bien d'autres, pour expliquer les mêmes faits, acceptent pleinement la théorie spirite, qui est la seule capable de s'adapter à tous les cas. La Société anglaise des Recherches psychiques, composée d'hommes de science de premier ordre et de psychologues éminents, a, depuis 1882, contrôlé des milliers d'observations, institué des expériences irréprochables et, grâce à la vulgarisation des procédés hypnotiques, le public lettré commence à se familiariser avec ces faits qui révèlent en nous la présence de l'âme humaine.
Mais il ne suffit pas d'établir que l'être pensant est une réalité ; il est nécessaire de prouver, aussi, que son individualité survit à la mort, et cela avec le même luxe de démonstrations positives que celles qui rendent certaine son existence pendant la vie. Les spirites ont répondu à cette attente en montrant que les rapports entre les vivants et les morts s'établissent sous les formes très variées de l'écriture, de la typtologie, de la voyance, de l'audition, etc. Ils ont employé la photographie, la balance, les empreintes et les moulages pour établir l'objectivité des fantômes qui apparaissent dans les séances de matérialisation et la corporéité temporaire de ces apparitions est irrécusable quand tous ces documents subsistent après que les fantômes se sont évanouis.
Toutes les objections de fraudes, d'hallucinations, etc., ont été réfutées par les enquêtes réitérées entreprises dans le monde entier par les savants les plus qualifiés et, en face de la masse de documents accumulés, l'on peut affirmer maintenant que la matérialité des faits n'est plus contestable. Sans doute, la lutte contre le parti pris sera longue encore, car nous voyons unis, dans une coalition hétéroclite, les prêtres et les matérialistes, qui se sentent également menacés par cette science nouvelle ; mais la force démonstrative du spiritisme est si grande qu'il a conquis des millions d'adhérents dans toutes les classes de la société et qu'il pousse, haut et ferme, sur les ruines du passé.
Gabriel Delanne
Documents pour servir à l'étude de la Réincarnation

Islam et spiritisme -1- الإسلام و النفسية


هل للنفسية مكان في الإسلام؟
Le spiritisme a-t-il droit de cité en Islam?
Entre convergences et divergences مواطن الاتفاق و الاختلاف
L'islam est-il conciliable avec le spiritisme? Peut-il y avoir un spiritisme à coloration islamique comme on a vu certaines tendances spirites se teinter d'une forte empreinte évangélique chrétienne?
D'abord, quant aux fondements. Il est indubitable que l'islam est la religion de l'unicité; son dogme principal et même exclusif pour certains est la croyance en un Dieu unique. D'autres ajoutent la reconnaissance de Mohammed comme étant le sceau de la prophétie, rappelant la profession de foi islamique. En cela, l'islam et le spiritisme peuvent faire bon ménage, puisque le spiritisme n'exclut point l'existence d'un Dieu suprême et admet l'élévation de certains esprits, comme ceux des prophètes, Mohammed pouvant en l'occurrence avoir la place réservée à Jésus par nombre de spirites chrétiens.
Ensuite, il est acquis en islam que l'être humain n'est pas la seule création d'Allah et qu'il existe à côté de lui l'ordre des génies qu'ils soient des anges ou des démons. Ces génies ne sont pas visibles mais n'ont pas moins une vie semblable à celle des humains avec lesquels ils peuvent entrer en contact et dont ils peuvent même prendre la forme. En cela aussi, il n'est nulle contradiction entre l'islam et le spiritisme.
L'islam croit, par ailleurs, à l'immortalité de l'âme, un principe essentiel du spiritisme. Cependant, et en cela il pourrait contredire les idées spirites et s'y opposer, il ne donne aucune indication d'adhésion à la réincarnation. Cette théorie est même traditionnellement rejetée, car l'âme des morts est généralement considérée comme hors de la vie, dans l'attente du Jugement dernier. 
Certes, tel rejet ne figure nullement dans le texte de base de l'islam qu'est le coran, mais on sait que la tradition prophétique, ainsi qu'à un degré moindre nombre de pratiques et d'opinions constantes faisant également foi, fondent une doctrine hostile à la théorie de la réincarnation. Sur ce point, à moins d'une interprétation par trop large du texte coranique ou une évolution dans l'interprétation des traditions islamiques, il n'y a pas de convergence possible entre l'islam et le spiritisme. 
Cependant, excepté la théorie de la réincarnation qui n'est pas moins un principe de base du spiritisme, nombre des autres éléments spirites ne sont pas antinomiques avec la religion islamique, notamment : la survivance de l'âme, le contact entre les esprits, l'expiation ou la reconnaissance des fautes comme moyen de purification et d'élévation, la communication avec les morts durant le sommeil et les rêves, la nature différente des esprits variant des plus mauvais aux plus sublimes, les phénomènes d'obsession et de vampirisme, la dualité de la personne humaine faite d'un corps physique périssable et d'une âme éternelle.  
Pour revenir à la réincarnation et son rejet par l'islam ou du moins sa défiance à son égard, il ne nous semble pas que ce soit une spécificité le concernant mais bel et bien une constante des religions monothéistes. 
Certes, les spirites donnant à la religion chrétienne une dimension essentielle soutiennent que telle conception est consacrée par l'Évangile, mais il ne s'agit que de supputations à propos de dires du Christ sur une supposée réincarnation du prophète Élie en Jean le baptiste. En dehors de la conviction de ces spirites, il n'est nulle attestation religieuse chrétienne claire et définitive allant dans ce sens. 
Mieux, la théorie de la réincarnation des religions dites du Livre (que nous appelons plus judicieusement religions de l'Écriture ou des Écritures, soit dit en passant) ne coïnciderait pas avec le dogme de la rétribution de l'âme tel qu'il est appréhendé par ces religions et que cela supposerait une interprétation plus large de nombre de notions et dogmes religieux, chrétiens comme juifs ou musulmans; ce que nous soulignions ci-dessus pour l'islam. 
C'est bien la preuve que le spiritisme ne peut être réduit à une religion, qu'il est bien plus qu'une religion, quelle qu'elle soit.    
F. OTHMAN      
للسؤال عن مدى قابلية الإسلام للنفسية لا بد من التساءل هل أن النفسية دين و هل هي مقبولة منه طرف الأديان الأخرى؛ فمثابته دين كغيره من الأديان، لا يمتاز الدين الإسلامي عن اليهودية أو المسيحية بالشيء الكثير.
فالإسلام أساسا هو توحيد للإلاه، و لعله التوحيد الأفضل و الأنقي بالنسبة لبقية الأديان الكتابية. ثم الإسلام هو الشهادة بأن محمدا هو خاتم الأنبياء؛ و في هذين المبدأين لا وجود لتعارض بين الإسلام و النفسية التي تعترف بوجود مبدأ أعلى هو الإلاه و لا ترى مانعا من اعتبار الأنبياء أرواحا سامية و اعتبار النبي العربي أحدها بل وأسماها كما يرى ذلك بالنسبة للمسيح العدد الوافر من النفسيين المسيحيين.
إضافة إلي ذلك، لا تمانع في أن عدة مبادىء للنفسية مقبولة في الإسلام كالقول ببقاء الروح بعب الموت و انقسام الإنسان إلى عنصرين : العنصر المادي و العنصر الروحي، و وجود الجن على أصنافها الطيبة و السيئة و قدرتها على التأثير على البشر إلى حالتي الوسواس و الإذابية و إمكانية الاتصال بين الأرواح في النوم و خارجه و ضرورة العمل للتعالي بالنفس و السمو بها إلى الأفضل و فائدة التألم لتطهير النفس و التكفير عن الذنوب.       
إلا أنه لا شك في أن الإسلام لا يقول بنظرية التجاسد و ذلك لأنه يعتبر النفس واحدة تبدأ و تنتهي مع حياتها الإنسانية المفردة و تحاسب عليها. 
و لا شك أنه لا شيء في القرآن الذي يبقى المرجع الأساسي للإسلام ما يمنع من تأويل نظرته إلى النفس نحو الإقرار بالتجاسد؛ و لكن السنة و بقية المرجعية الإسلامية التي لا مناص للعودة إليها لا تقر ذلك في الوقت الراهن.
و لا عجب في ذلك إذ أن شأن بقية الأديان الموحدة للإلاه هو شأن الإسلام في عدم الاعتراف المبدئي بالتجاسد الذي لم يحصل إلا بعد محاولات حصلت لتأويل النص الديني بصفة تمكن من قبول النظرية النفسية.
و هذا ليس بالمستغرب بما أن النفسية ليست بدين و إنما هي أكثر من ذلك؛ و ليس هناك أدني شك بأن من يدعي تناسبها التام مع الدين، أيا كان ذلك الدين، لا فرق في ذلك بين اليهودية و المسيحية و الإسلام، فقد أخطأ و أضر بالنفسية التي هي أقرب إلى العلم منها إلى الدين.

فرحات عثمان