Pas à pas... خطوة بخطوة

بحوث في النَفَسِيّة

إنسياق متموضع

Recherches Spirites


Dérive situationniste


« Naître, mourir, renaître encore et progresser sans cesse, telle est la loi »

« ولادة ثم ممات ثم ولادة مجددا مرة بعد أخرى، فتطور دون هوادة؛ تلك هي سنة الحياة !»

De l'âme à l'Esprit من الروح إلى النفس

خلافا لما يذهب إليه البعض، من باب التعريب الحرفي، من ترجمة Spiritisme إلى الأرواحية، فإني أعتقد أن أفضل ترجمة لهذه الكلمة هي ما ارتأيت وكما أبينه في هذه المدونة؛ فالترجمة الأفضل لكلمة Esprit هي النفس، بينما تبقى الروح مرادفة لكلمة Âme؛ وبذلك يكون التعريب الآصح لكلمة Spiritisme هو : النفسية، بتحريك النون والفاء.

L'Esprit en islam (6) الروح في الإسلام

في عودة الروح إلى الجسد 
وهو التجاسد
مقتطف من كتاب 
الروح
في الكلام على على أرواح الأموات والأحياء
 بالدلائل من الكتاب والسنة
والآثار وأقوال العلماء 
لمؤلفه
محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله 
المعروف بابن قيم الجوزية
المسألة السادسة وهي أن الروح هل تعاد إلى الميت في قبره وقت السؤال أم لا

وقد احتج أبو عبد الله بن منده على إعادة الروح إلى البدن بأن قال : وحدثنا محمد بن الحسين ابن الحسن، حدثنا محمد بن زيد النيسابوري، حدثنا حماد بن قيراط، حدثنا محمد بن الفضل، عن يزيد بن عبد الرحمن الصائغ البلخي، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس أنه قال : بينما رسول الله ذات يوم قاعد تلا هذه الآية : «ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسط أيديهم» (سورة الأنعام، الآية : 93)، قال : «والذي نفس محمد بيده ما من نفس تفارق الدنيا حتى ترى مقعدها من الجنة والنار» ثم قال : «فإذا كان عند ذلك صف له سماطان من الملائكة ينتظمان ما بين الخافقين كأن وجوههم الشمس، فينظر إليهم ما ترى غيرهم وإن كنتم ترون أنهم ينظرون إليكم، مع كل منهم أكفان وحنوط، فإن كان مؤمنا بشروه بالجنة، وقالوا : أخرجى أيتها النفس الطيبة إلى رضوان الله وجنته، فقد أعد الله لك من الكرامة ما هو خير من الدنيا وما فيها، فلا يزالون يبشرونه ويحفون به، فهم ألطف وأرأف من الوالدة بولدها، ثم يسلون روحه من تحت كل ظفر ومفصل، ويموت الأول فالأول، ويهون عليه، وكنتم ترونه شديدا حتى تبلغ ذقنه، قال : فلهى أشد كراهية للخروج من الجسد من الولد حين يخرج من الرحم، فيبتدرها كل ملك منهم أيهم يقبضها، فيتولى قبضها ملك الموت؛ ثم تلا رسول الله : «قل يتوفاكم ملك الموت الذى وُكل بكم ثم إلى ربكم تُرجعون» (سورة السجدة، الآية 11) فيتلقاها بأكفان بيض، ثم يحتضنها إليه، فهو أشد لزوما لها من المرأة إذا ولدتها، ثم يفوح منها ريح أطيب من المسك، فيستنشقون ريحها ويتباشرون بها. ويقولون : مرحبا بالروح الطيبة والروح الطيب، اللهم صل عليه روحا وعلى جسد خرجت منه. قال : فيصعدون بها، ولله عز و جل خلق في الهواء لا يعلم عددتهم إلا هو، فيفوح لهم منها ريح أطيب من المسك، فيصلون عليها ويتباشرون، ويفتح لهم أبواب السماء، فيصلى عليها كل ملك في كل سماء تمر بهم حتى ينتهى بها بين يدى الملك الجبار، فيقول الجبار جل جلاله : مرحبا بالنفس الطيبة ويجسد خرجت منه، وإذا قال الرب عز وجل للشيء مرحبا رحب له كل شيء ويذهب عنه كل ضيق، ثم يقول لهذه النفس الطيبة : أدخلوها الجنة وأروها مقعدها من الجنة، وأعرضوا عليها ما أعددت لها من الكرامة والنعيم، ثم اذهبوا بها إلى الأرض، فإنى قضيت أنى منها خلقتهم وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى؛ فوالذي نفس محمد بيده لهى أشد كراهية للخروج منها حين كانت تخرج من الجسد، وتقول : أين تذهبون بى إلى ذلك الجسد الذي كنت فيه؟ قال : فيقولون : إنا مأمورون بهذا، فلا بد لك منه؛ فيهبطون به على قدر فراغهم من غسله وأكفانه، فيدخلون ذلك الروح بين جسده وأكفانه» (ذكره السيوطي في «الدر المنثور» [3\30]). 
فدل هذا الحديث أن الروح تعاد بين الجسد والأكفان، وهذا عود غير التعلق الذي كان لها في الدنيا بالبدن، وهو نوع آخر وغير تعلقها به حال النوم، وغير تعلقها به وهى في مقرها، بل هو عود خاص للمساءلة.  
قال شيخ الإسلام : الأحاديث الصحيحة المتواترة تدل على عود الروح إلى البدن وقت السؤال، وسؤال البدن بلا روح قول قاله طائفة من الناس، وأنكره الجمهور، وقابلهم آخرون، فقالوا : السؤال للروح بلا بدن، وهذا قاله ابن مرة وابن حزم، وكلاهما غلط، والأحاديث الصحيحة ترده، ولو كان ذلك على الروح فقط لم يكن للقبر بالروح اختصاص؛ وهذا يتضح بجواب المسألة، وهي قول السائل : هل عذاب القبر على النفس والبدن؟ أو على النفس دون البدن؟ أو على البدن دون النفس؟ وهل يشارك البدن النفس في النعيم والعذاب أم لا؟  
وقد سئل شيخ الإسلام عن هذه المسألة، ونحن نذكر لفظ جوابه، فقال : «بل العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعا باتفاق أهل السنة والجماعة، تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن، وتنعم وتعذب متصلة بالبدن والبدن متصل بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين كما تكون على الروح منفردة عن البدن. وهل يكون العذاب والنعيم للبدن بدون الروح؟ هذا فيه قولان مشهوران لأهل الحديث والسنة وأهل الكلام، وفي المسألة أقوال شاذة ليست من أقوال أهل السنة والحديث، قول من يقول : إن النعيم والعذاب لا يكون إلا على الروح، وان البدن لا ينعم ولا يعذب، وهذا تقوله الفلاسفة المنكرون لمعاد الأبدان، وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين، ويقوله كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم الذين يقرون بمعاد الأبدان، لكن يقولون : لا يكون ذلك في البرزخ، وإنما يكون عند القيام من القبور، لكن هؤلاء ينكرون عذاب البدن في البرزخ فقط، ويقولون : إن الأرواح هي المنعمة أو المعذبة في البرزخ، فإذا كان يوم القيامة عذبت الروح والبدن معا؛ وهذا القول قاله طوائف من المسلمين من أهل الكلام والحديث وغيرهم، وهو اختيار ابن حزم وابن مرة، فهذا القول ليس من الأقوال الثلاثة الشاذة، بل هو مضاف إلى قول من يقول بعذاب القبر ويقر بالقيامة ويثبت معاد الأبدان والأرواح، ولكن هؤلاء لهم في عذاب القبر ثلاثة أقوال : أحدها : أنه على الروح فقط، الثاني : أنه عليها وعلى البدن بواسطتها، الثالث : أنه على البدن فقط، وقد يضم إلى ذلك القول الثاني وهو قول من يثبت عذاب القبر ويجعل الروح هي الحياة ويجعل الشاذ قول منكر عذاب الأبدان مطلقا، وقول من ينكر عذاب الروح مطلقا؛ فإذا جعلت الأقوال الشاذة ثلاثة، فالقول الثاني الشاذ قول من يقول إن الروح بمفردها لا تنعم ولا تعذب وإنما الروح هي الحياة، وهذا يقوله طوائف من أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية كالقاضي أبى بكر وغيره، وينكرون أن الروح تبقى بعد فراق البدن، وهذا قول باطل وقد خالف أصحابه أبو المعالي الجويني وغيره، بل قد ثبت بالكتاب والسنة واتفاق الأمة أن الروح تبقى بعد فراق البدن، وأنها منعمة أو معذبة، والفلاسفة والإلهيون يقرون بذلك لكن ينكرون معاد الأبدان، وهؤلاء يقرون بمعاد الأبدان لكن ينكرون معاد الأرواح ونعيمها وعذابها بدون الأبدان، وكلا القولين خطأ وضلال، لكن قول الفلاسفة أبعد عن أقوال أهل الإسلام وإن كان قد يوافقهم عليه من يعتقد أنه متمسك بدين الإسلام، بل من يظن أنه من أهل المعرفة والتصوف والتحقيق والكلام.
والقول الثالث الشاذ قول من يقول : إن البرزخ ليس فيه نعيم ولا عذاب، بل لا يكون ذلك حتى تقول الساعة الكبرى، كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة ونحوهم ممن ينكر عذاب القبر ونعيمه بناء على أن الروح لا تبقى بعد فراق البدن، وأن البدن لا ينعم ولا يعذب، فجميع هؤلاء الطوائف ضلال في أمر البرزخ، لكنهم خير من الفلاسفة، فإنهم مقرون بالقيامة الكبرى. 
فصل
 فإذا عرفت هذه الأقوال الباطلة، فلتعلم أن مذهب سلف الأمة وأئمتها أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة، وأنها تتصل بالبدن أحيانا ويحصل له معها النعيم أو العذاب، ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الأرواح إلى الأجساد، وقاموا من قبورهم لرب العالمين؛ ومعاد الأبدان متفق عليه بين المسلمين واليهود والنصارى. 
فصل 
من
المسألة السابعة وهى قول للسائل ما جوابنا للملاحدة والزنادقة المنكرين لعذاب القبر وسعته وضيقه وكونه حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة وكون الميت لا يجلس ولا يقعد فيه :

... الأمر العاشر : أن الموت معاد وبعث أول، فإن الله سبحانه وتعالى جعل
لابن آدم معادين وبعثين يجزى فيهما الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى. فالبعث الأول : مفارقة الروح للبدن ومصيرها إلى دار الجزاء الأول.
والبعث الثانى : يوم يرد الله الأرواح إلى أجسادها ويبعثها من قبورها إلى الجنة أو النار، وهو الحشر الثانى؛ ولهذا في الحديث الصحيح «وتؤمن بالبعث الآخر» (أخرجه البخاري في [2] كتاب الإيمان : [37] باب سؤال جبريل النبي عن الإيمان والإسلام [الحديث : 50]، وأخرجه مسلم في [1] كتاب الإيمان : [1] باب الإيمان ما هو؟ [الحديث : 97])، فإن البعث الأول لا ينكره أحد، وإن أنكر كثير من الناس الجزاء فيه والنعيم والعذاب، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هاتين القيامتين، وهما الصغرى والكبرى، في سورة المؤمنين، وسورة الواقعة، وسورة القيامة، وسورة المطففين، وسورة الفجر، وغيرها من السور؛ وقد اقتضى عدله وحكمته أن جعلها دارى جزاء المحسن والمسىء، ولكن توفية الجزاء إنما يكون يوم المعاد الثانى في دار القرار كما قال تعالى : «كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة» (سورة آل عمران، الآية : 185).
وقد اقتضى عدله وأوجبت سماؤه الحسنى وكماله المقدس تنعيم أبدان أوليائه وأرواحهم، وتعذيب أبدان أعدائه وأرواحهم، فلا بد أن يذيق بدن المطيع له وروحه من النعيم واللذة ما يليق به، ويذيق بدن الفاجر العاصى له وروحه من الألم والعقوبة ما يستحقه، هذا موجب عدله وحكمته وكماله المقدس؛ ولما كانت هذه الدار دار تكليف وامتحان لا دار جزاء، لم يظهر فيها ذلك، وأما البرزخ فأول دار الجزاء فظهر فيها من ذلك ما يليق بتلك الدار، وتقتضى الحكمة إظهاره. 
فإذا كان يوم القيامة الكبرى وفي أهل الطاعة وأهل المعصية ما يستحقونه من نعيم الأبدان والأرواح وعذابهما، فعذاب البرزخ ونعيمه أول عذاب الآخرة ونعيمها، وهو مشتق منه، وواصل إلى أهل البرزخ هناك، كما دل عليه القرآن والسنة الصحيحة الصريحة في غير موضع دلالة صريحة، كقوله : «فيفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها«، وفي الفاجر : «فيفتح له باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها» (أخرجه أبو داود في [35] كتاب : السنة، [24] باب : المسألة في القبر وعذاب القبر [الحديث : 4753]، وأخرجه النسائي في [21] كتاب الجنائز، [114] باب : عذاب القبر [الحديث : 2058]، وأخرجه ابن ماجه في [37] كتاب الزهد، [32] باب : ذكر الموت والبلى [الحديث : 4269])، ومعلوم قطعا ان البدن يأخذ حظه من هذا الباب كما تأخذ الروح حظها، فإذا كان يوم القيامة دخل من ذلك الباب إلى مقعده الذى هو داخله. وهذان البابان يصل منهما إلى العبد فى هذه الدار أثر خفي محجوب بالشواغل والغواشي الحسية والعوارض، ولكن يحس به كثير من الناس وإن لم يعرف سببه ولا يسحن التعبير عنه، فوجود الشيء غير الاحساس به والتعبير عنه، فإذا مات كان وصول ذلك الأثر إليه من ذينك البابين أكمل، فإذا بعث كمل وصل ذلك الأثر إليه. فحكمة الرب تعالى منتظمة لذلك أكمل انتظام في الدور الثلاث.

L'Esprit en islam (5) الروح في الإسلام

في بقاء الروح حية بعد الموت
مقتطف من كتاب 
الروح
في الكلام على على أرواح الأموات والأحياء
 بالدلائل من الكتاب والسنة
والآثار وأقوال العلماء 
لمؤلفه
محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله 
المعروف بابن قيم الجوزية
المسألة الرابعة وهي أن الروح هل تموت أم الموت للبدن وحده
اختلف الناس في هذا فقالت طائفة تموت الروح وتذوق الموت لأنها نفس وكل نفس ذائقة الموت.
قالوا : وقد دلت الأدلة على أنه لا يبقى إلا الله وحده، قال تعالى : «كل من عليها فان (٢٦) ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام» (سورة الرحمان، الآيتان : ٢٦و٢٧)، وقال تعالى : «كل شيء هالك إلا وجهه» (سورة القصص، الآية : ٨٨)، قالوا : وإذا كانت الملائكة تموت، فالنفوس البشرية أولى بالموت. قالوا : وقد قال تعالى عن أهل النار أنهم قالوا : «ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين» (سورة غافر : الآية ١١) فالموتة الأولى هذه المشهودة، وهي للبدن، والأخرى للروح
 (ذكره الطبري في تفسيره، الآيتان : ١٦٩ و١٧٠).
وقال آخرون : لا تموت الأرواح، فإنها خلقت للبقاء، وإنما تموت الأبدان. قالوا :  وقد دلت على هذا الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها، ولو ماتت الأرواح لانقطع عنها النعيم والعذاب، وقد قال تعالى : «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون (١٦٩) فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم» (سورة آل عمران، الآيتان : ١٦٩ و١٧٠). هذا مع القطع بأن أرواحهم قد فارقت أجسادهم وقد ذاقت الموت.
والصواب أن يقال : موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها، فإن أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت، وإن أريد أنها تعدم وتضمحل وتصير عدما محضا، فهى لا تموت بهذا الاعتبار، بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب كما سيأتى ان شاء الله تعالى بعد هذا، وكما صرح به النص انها كذلك حتى يردها الله في جسدها. وقد نظم أحمد بن الحسين الكندى هذا الاختلاف في قوله :
تنازع الناس حتى لااتفاق لهم ... إلا على شجب والخلف في الشجب
فقيل تخلص نفس المرء سالمة.......... وقيل تشرك جسم المرء في العطب
فإن قيل : فعند النفخ في الصور هل تبقى الأرواح حية كما هي أو تموت ثم تحيا؟ قيل : قد قال تعالى : «ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله» (سورة الزمر، الآية : ٦٨) فقد استثنى الله سبحانه بعض من في السموات ومن في الأرض من هذا الصعق (ذكره الطبري في تفسيره : [12\29]). فقيل : هم الشهداء؛ هذا قول أبى هريرة وابن عباس وسعيد بن جبير. وقيل : هم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت؛ وهذا قول مقاتل وغيره. وقيل : هم الذين في الجنة من الحور العين وغيرهم ومن في النار من أهل العذاب وخزنتها، قاله أبو إسحق بن شاقلا من أصحابنا.
وقد نص الإمام أحمد على أن الحور العين والولدان لا يمتن عند النفخ في الصور، وقد أخبر سبحانه أن أهل الجنة «لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى» (سورة الدخان، الآية : 56)، وهذا نص على أنهم لا يموتون غير تلك الموتة الأولى، فلو ماتوا مرة ثانية لكانت موتتان. 
وأما قول أهل النار : «ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين» (سورة غافر، الآية : 11) فتفسير هذه الآية التي في البقرة، وهي قوله تعالى : «كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم» (سورة البقرة، الآية : 28) فكانوا أمواتا وهم نطف في أصلاب آبائهم وفي أرحام أمهاتهم، ثم أحياهم بعد ذلك، ثم أماتهم، ثم يحييهم يوم النشور. وليس في ذلك إماتة أرواجهم قبل يوم القيامة، وإلا كانت ثلاث موتات؛ وصعق الأرواح عند النفخ في الصور لا يلزم منه موتها، ففي الحديث الصحيح «أن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فإذا موسى آخذ بقائمة العرش، فلا أدرى افاق قبلى أم جوزى بصعقة يوم الطور» (أخرجه البخاري في [44] كتاب الخصومات [1] ياب ما يذكر في الأشخاص، والخصومة بين المسلم واليهود [الحديث : 2411،2412]، وأخرجه أيضا في [60] كتاب الأنبياء [31] ياب : وفاة موسى، وذكره بعد الحديث : 3408، وأخرجه أيضا في [81] كتاب الرقائق [43] باب نفخ الصور [الحديث : 6517،6518]؛ وأخرجه مسلم في [43] كتاب الفضائل [42] باب : من فضائل موسى [الحديث : 159، 165]...).
فهذا صعق في موقف القيامة إذا جاء الله تعالى لفصل القضاء وأشرقت الأرض بنوره، فحينئذ تصعق الخلائق كلهم؛ قال تعالى : «فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون» (سورة الطور، الآية : ٤٥)، ولو كان هذا الصعق موتا لكانت موتة أخرى. 
وقد تنبه لهذا جماعة من الفضلاء، فقال أبو عبد الله القرطبى : ظاهر هذا الحديث أن هذه صعقةُ غشي تكون يوم القيامة لا صعقة الموت الحادثة عن نفخ الصور. قال : وقد قال شيخنا أحمد بن عمرو : وظاهر حديث النبي يدل على أن هذه الصعقة إنما هي بعد النفخة الثانية نفخة البعث، ونص القرآن يقتضى أن ذلك الاستثناء إنما هو بعد نفخة الصعق، ولما كان هذا قال بعض العلماء : يحتمل أن يكون موسى ممن لم يمت من الأنبياء، وهذا باطل. وقال القاضي عياض : يحتمل أن يكون المراد بهذه صعقة فزع بعد النشور حين تنشق السموات والأرض. قال : فتستقل الأحاديث والآثار، ورد عليه أبو العباس القرطبى، فقال : يرد هذا قوله في الحديث الصحيح : أنه حين يخرج من قبره يلقى موسى آخذا بقائمة العرش. قال : وهذا إنما عند نفخة الفزع...